تستلهم الفنانة ناريمان إبداعاتها من التاريخ المنقوش على صخر الطاسيلي، وتحاول بقدر الإمكان محاكاته الى درجة التطابق، ليبدو للجمهور ان القطع المرسومة التي انجزتها هذه الفنانة العصامية ما هي إلا آثار يتم عرضها. تنظم الفنانة ناريمان سادات الى غاية 24 ماي بمركز التسلية العلمية معرضها الذي يحمل عنوان »همس الأحجار« والمتضمن العديد من اللوحات التي هي عبارة عن رسومات على أحجار متفاوتة الحجم (أغلبها صغير) عليها نفس الرموز والرسومات الموجودة بالطاسيلي منذ فجر التاريخ. في حديثها ل »المساء«، أشارت ناريمان الى أنها كانت دوما متأثرة بالصحراء الجزائرية وبكل ما فيها من ألوان ورموز وحياة الطوارق الاجتماعية وما تعطيه من معاني القوة والحكمة. تقول ناريمان »أردت أن أقلد أجدادنا في هذا الزمن العابر، الذين حولوا الصخر الأصم الى قطع فنية خلدها التاريخ وتندهش لها الإنسانية في زمننا الحاضر«. تؤكد الفنانة أنها تختار الحجارة أولا ثم يأتيها رلهام الرسم والموضوع الذي ستتناوله، وغالبا ما تختار الأحجار الصغيرة لأنها عملية اكثر ويسهل التعامل معها ثم تبدأ مباشرة في الرسم، وطبعا فإن لكل حجم رسمه الخاص، بمعنى أن مساحة الحجر هي التي تحدد موضوع الرسم وليس العكس. لا تدخل الفنانة ناريمان أية تعديلات على الحجر، فلا تصقله مثلا ولا تستعمل تقنية النقش، بل ترسم مباشرة بالريشة والألوان، وغالبا ما تضع الحجر المرسوم في إطار (لوحة) غاية في الجمال ليبدو تماما في عرضه كأنه قطعة تاريخية. تتناول الفنانة عدة مواضيع في رسوماتها وكلها نفس المواضيع التي تناولتها رسومات الطاسيلي منذ 7 آلاف سنة، خاصة في الرموز ومظاهر الحرب والصيد وغيرها. تقول ناريمان » أحاول من خلال رسوماتي حماية هذا التراث الإنساني الذي نملكه في صحرائنا والذي يعد مفخرة لنا يجب المحافظة عليه«. تستعمل ناريمان الألوان الداكنة كالأصفر الداكن والبني والأحمر الآجوري والرمادي والأزرق وكلها مستمدة من الصحراء. تؤكد الفنانة أن معارضها تلقى إقبالا واسعا من الجمهور ومن الأجانب، الذين ينبهرون بها ولا يصدقون أنها رسومات مقلدة، ويشجعونني على مواصلة المشوار لتثمينهم هذا التراث الجزائري العريق. ومن بين مشاريع ناريمان، التوسع في مجال التراث، خاصة وأنها قامت بالعديد من الأبحاث الخاصة بهذا التراث، لذلك فهي تفكر في إعادة التجربة مع تراث تفينار، وكذلك خلط الرموز القديمة من مختلف مناطق الجزائر مع بعضها، كما تفكر أيضا في استعمال تقنية الرمل لإنجاز لوحاتها وهذا لتوسيع وتنويع العروض. من جهة أخرى، تجتهد ناريمان لتطوير هذه التقنية لتخرج من إطار التكرار، خاصة وأنها تلقى التشجيع أينما حلت بمعارضها.. علما أنها تتمنى إقامة بعض هذه المعارض في الخارج كي تعرف بهذا التراث أكثر. ناريمان سادات من مواليد سنة ,1971 تعرض منذ 2007 ومنخرطة في الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة منذ سنة .2009 عرضت ناريمان في أشهر أروقة العاصمة كرواق إسمة وجنان زولا وبالأوراسي وغيرها من الفضاءات. على هامش المعرض، أشار السيد علي مساعدية المكلف بالفنون التشكيلية في مؤسسة فنون وثقافة (منظمة المعرض)، أن هذا المعرض هو الثاني من نوعه في شهر التراث بعد ذلك الذي نظمته جمعية الفنون التشكيلية.