من المنتظر أن تنطلق مصالح الدرك الوطني في تطبيق نظام الخبرة في تحديد الأسباب الحقيقية لحوادث المرور من خلال تمثيل الحوادث وفق أنظمة معلوماتية متطورة تسمح بتطبيق قواعد الفيزياء العامة والميكانيك، وذلك باستغلال الآثار والأدلة المادية المرفوعة من مسرح الحوادث، قصد وصف كيفية وقوع الحادث ومنه تحديد المسؤوليات والأسباب الحقيقية لذلك، وتقديمها للعدالة حتى تمكنها من معاقبة السواق المتسببين في جرائم القتل والجرح غير العمديين، وسيتم تطبيق أول تجربة في ولاية الجزائر ثم في الولايات المجاورة، البليدة، تيبازة وبومرداس من خلال إنشاء خلايا بالمجموعات الولائية للدرك الوطني· استعرضت أمس، بالعاصمة، دائرة فحص المركبات بالمعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام للدرك الوطني مشروعا تمثيل الحوادث المرورية، وتقديمها كأدلة وقرائن علمية في معالجة القضايا الجنائية، خاصة فيما يتعلق بالقتل غير العمدي والجرح جراء حوادث المرور التي تزداد ارتفاعاً يوماً بعد يوم رغم حملات التحسيس وتطبيق القانون الجديد للمرور المعدل والمتميز بصرامة أكبر· وتطمح مصالح معهد الإجرام من خلال المشروع الضخم والواعد إلى تقديم الأدلة الجنائية للقاضي عن طريق تمثيل الحادث بعد جمع كل المعطيات المادية، وتقديم براهين علمية تؤكد للقاضي صحة أو عدم صحة الشهادات المقدمة بعد الحوادث والتي غالباً ما تكون متناقضة ومتضاربة ويجد القاضي إزاءها صعوبة في حل القضايا الجنائية، وحسب العقيد حلاب، مدير المشاريع بمعهد الإجرام فإنه حان الوقت لإقحام الخبرة العلمية في مجال تحديد أسباب الحوادث المرورية وإقناع العدالة بضرورة تطبيق القوانين الجزائية المتعلقة بالمساس بالأشخاص بسبب المركبات، متسائلاً:" كيف لحامل السلاح الذي يصيب أحداً ما بجروح أو يعرّضه للقتل أن يمثل أمام القضاء ويأخذ جزاءه، بينما المتسبب في حوادث مرور قاتلة أو جارحة لا تطبق عليه نفس القوانين؟"، مضيفاً بالقول: "من أجل هذا تعمل مصالح الدرك الوطني على توفير الأدلة العلمية للجهات القضائية كي تثبت الأسباب الحقيقية للحوادث، يقوم بتوفيها خبراء مهندسون، يستعملون أجهزة متطورة وأنظمة علمية متناهية الدقة في حساب وتحديد السرعة والفرملة وحركة السيارات"، مشيراً أن عدم اكتراث السائق وتسببه في حوادث المرور ستكلفه نزع الحرية (أي الحبس)، بتهمة "الإهمال الإجرامي"، بعد تطبيق القوانين مستقبلاً· وقد قام النقيب مكي بعرض المشروع من خلال إعطاء صورة شاملة عن المشروع الضخم الذي قال أنه تمَّ بفضله التخفيف من حدة حوادث المرور في بريطانيا وكندا، مشيراً أن نظام"PC Crash" في طبعته الأخيرة يحوي أحدث الطرق العلمية الكفيلة بتمثيل أطوار الحوادث من خلال إدخال معطيات في شكل حسابات علمية فيزيائية وميكانيكية دقيقة· مؤكداً أنه تلقى رفقة زملاء آخرين تكويناً خاصاً في بريطانيا، وفي نظر النقيب مكي فإن النظام الجديد سيعمل على توفير كل الأدلة المادية لتمكينها من معاقبة المتسببين الحقيقيين في جرائم القتل والجرح غير العمديين· وحسب تقرير الدرك الوطني فإن حوادث المرور في ازدياد مستمر، حيث ارتفعت الحوادث المسجلة من طرف المصالح المذكورة من 22684 حادثاً سنة 2005 تسبب في مقتل 2932 شخصاً وجرح 38857 آخرين، لترتفع في 2006 إلى 24193 حادثاً تسبب في مقتل 3379 شخصاً وجرح 41091 آخرين، في حين تم تسجيل 18127 حادثاً خلال الأشهر التسعة من السنة الجارية تسبب في مقتل 2550 شخصاً وإصابة 31212 آخرين بجروح· للإشارة فإن حظيرة المركبات تضاعفت خلال العشرية الأخيرة من 2.200.000 مركبة في 1996 إلى 4.987.000 مركبة نهاية 2006، مما يستدعي تحيين عمليات التوعية والاستمرار في التحسيس وكذا معاقبة المتسببين في الحوادث وجعلهم يأخذون نصيبهم من العقاب كي يكونوا عبرة للآخرين. *