قبيل سنوات، قررت جمعية رعاية الشباب تغيير تعاملها مع ملف إدمان المخدرات بمجتمعنا، فتحولت من محاربة الظاهرة الى تغيير نظرة المدمن نفسه للمخدرات وإخراجه من وضعه وإدماجه مجددا بمجتمعه عوض متابعته قضائيا، وذلك بجعله هو بنفسه مُربيا عن طريق تكوين خاص ليكون بعدها ''مُخلِصا'' لشباب مثله من خطر الإدمان.. وفي هذا الصدد أكد السيد عبد الكريم عبيدات في لقاء خاص مع ''المساء'' أن جمعية رعاية الشباب التي يترأسها قد أطلقت برنامجا خاصا منذ الخامس أكتوبر ,2010 والذي يعنى بتكوين مربين ومربيات لوقاية الشباب المدمنين من المخدرات وتخليصهم منها، وجعل هؤلاء أنفسهم مربين ينطلقون في الأحياء الشعبية وبالمدارس والثانويات والجامعات لتقديم العون والدعم لأقرانهم من الشباب المدمن وتخليصهم من المخدرات، انطلاقا من أن الشاب المدمن هو أحسن مرب ومخلص لأمثاله. عملية التكوين انطلقت بمقر الجمعية الكائن بشارع حماني بالجزائر الوسطى وتمكنت الجمعية من تكوين 1000 مرب ومربية، نصفهم من الشباب المدمنين الذين تخلصوا من إدمانهم، وذلك ضمن الاستراتيجية الوطنية للوقاية الجوارية من خطر إدمان المخدرات بالتنسيق مع مصالح الأمن الوطني، وقد تم تجنيد ست حافلات أطلق عليها تسمية حافلات العلاج النفسي الجواري التي يشرف عليها أحد الشباب المربين المكونين بالجمعية إلى جانب طبيب ومختص نفساني وأخصائي علم اجتماع، وقد أكد السيد عبيدات أمر تحقيق 1300 استشارة نفسية وتوجيه بهذه الحافلات منذ انطلاقها في أكتوبر 2010 إلى اليوم، مثمنا عمل المربين الشباب ومساعديهم قائلا ''إنها خطوة تؤكد لنا مدى احتياج الشباب المدمن ليد المساعدة للتخلص من خطر الإدمان ''يقول المتحدث مضيفا ''بما أن الشاب اقترب بمحض إرادته من حافلة العلاج النفسي الجواري هذا يعني أنه يريد الإقلاع عن الإدمان، وعلينا نحن إكمال المشوار''. خلايا الإصغاء هذه وعددها 13 تتواجد ب13 أمن دائرة بولاية الجزائر العاصمة تأتي لتدعم المخطط الوطني للتكفل بظاهرة الإدمان على المخدرات الذي أقرته مؤخرا وزارة الصحة والذي يضم إنشاء 185 خلية استماع على مستوى المراكز الصحية عبر القطر سيتضاعف عددها ليصل إلى 250 في ,2012 بالإضافة إلى 53 مركزا وسيطا للعلاج بمعدل مركز واحد لكل ولاية باستثناء وهران وعنابة وقسنطينة بمركزين لكل مدينة و3 بالعاصمة، وهذا قصد التكفل الجيد بالظاهرة لتي تتفاقم سنويا بحسب المختصين. بالمقابل، حققت حافلات العلاج النفسي الجواري 645 تدخلا بالقرب من المدارس، علما ان مروجي المخدرات يستهدفون المراهقين بالدرجة الأولى لسهولة إيقاعهم بالفخ - حسب عبيدات - مشيرا الى ان الإدمان وسط هذه الفئة قد أخذ منزلقا خطيرا خاصة وأن هذه الآفة تتقدم بسرعة مذهلة، حتى أنها انتشرت بين الذكور والإناث. والدليل ارتفاع إدمان الفتيات إلى 30 % من مجموع المدمنين خلال السداسي الأول من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من 2010 حيث لم تكن تتجاوز 15?، وأشار المتحدث إلى أن طبيعة الإدمان قد تغيرت في السنوات الأخيرة وسط الفتيات والشابات، فهؤلاء أصبحن يدخن النارجيلة أو ''الشيشة'' التي لقيت مؤخرا رواجا كبيرا بصالونات الشاي بالعاصمة ولقيت إقبالا من طرف الشابات على وجه التحديد،''والخطير في الأمر انه يشاع وسطهن أمر تدخين النارجيلة بمنهكات الفواكه او العسل وهذا خطأ تماما اذ ما يتم إضافته أحيانا لهذه الشيشة هو مخدر سرعان ما تدمنه الشابة لتعود مجددا اليه، وكذلك هو الحال بالنسبة للفتيات المُتمدْرِسات اللواتي يغرر بهن عن طريق تقديم لهن حلوة ''تيك تاك'' المحبوبة كثيرا والمصنوعة بالنعناع والمعلبة بعلب بيضاء صغيرة، حيث يتم استبدالها بحبوب مهلوسة ما أن تستهلكها الفتاة حتى تظهر عليها أعراض الهلوسة وتجعل أسرتها تبحث لها عن من يرقيها والحقيقة أبعد من ذلك بكثير''. يقول عبيدات. ويرجع محدث ''المساء'' أسباب انتشار إدمان المخدرات وسط الشباب إلى أسباب ثلاثة رئيسية، يتجلى السبب الأول في الانقطاع مع النظام الاجتماعي ويظهر فيه استقالة الأولياء، التسرب المدرسي، البطالة والفراغ، غياب الحوار والتوجيه، وهي عوامل تراكمية تؤدي بالضرورة إلى السبب الثاني والمتمثل في تهرب هؤلاء الشباب خاصة ما بين 15 و25 سنة من كل تدخل تربوي يهدف الى استرجاعهم وبالتالي تعرضهم لخطر معنوي وجسدي والمتابعة القضائية ما يعني توجههم للانحراف بما فيه من سرقة وسطو ومخالطة الأشرار وإدمان المخدرات، فيما يتلخص السبب الثالث في الانحراف وفيه أمر اتجار الشباب بالمخدرات بعد أول جرعة