انتفض الشارع المغربي في مسيرات احتجاجية رافضة للإصلاحات الفوقية التي مررها الملك محمد السادس يوما بعد الإعلان عن نتائج استفتاء حول دستور جديد للبلاد وأكدت نتائجه النهائية حصوله على تأييد 98 بالمئة من الناخبين المغاربة. وفي نفس الوقت الذي مازال فيه المخزن المغربي والأحزاب المتحلقة من حوله مبتهجة بتمرير مشروع الدستور الجديد خرج آلاف المتظاهرين في مختلف مدن البلاد للتعبير عن رفضهم لما أسموه بالإصلاحات الصورية وطالبوا بدلا عن ذلك بإصلاحات حقيقية تراعي مبادئ الديمقراطية والحرية الفردية والجماعية. وشهدت مدن الرباط وطنجة والدار البيضاء خروج عشرات آلاف المتظاهرين في اكبر مسيرات نادت الى تنظيمها حركة 20 فيفري الرافضة لما أسمته بإصلاحات فوقية وديمقراطية على المقاس وتصر في مقابل ذلك على إقامة مملكة برلمانية تتحول فيها السلطة من بين أيدي ملك متحكم في كل شيء إلى نواب الشعب المغربي. وقالت مصادر مغربية أن المسيرات شهدت تواجدا مكثفا لقوات الأمن التي رافقت المتظاهرين مخافة وقوع تجاوزات أو انزلاق امني وخاصة بعد إقدام ''بلطجية'' موالين للمخزن أو مجندين من طرفه على رشق المتظاهرين بالحجارة مما أدى إلى إصابة عدد منهم بجروح متفاوتة رغم أن مسيرتهم كانت سلمية واكتفوا فقط برفع شعارات اعتادوا رفعها في مسيراتهم التي ما انفكوا ينضمونها منذ 20 فيفري الماضي. وجاءت هذه المسيرات على نقيض النتائج التي تم الكشف عنها وفاقت نسبها تلك التي عادة ما تميز الانتخابات في ظل الأنظمة الشمولية وأنظمة الحزب الواحد بعد أن رفعت نسبة التأييد لهذه الإصلاحات بأكثر من 98 بالمئة وهي النسبة التي أكد قياديون في حركة 20 فيفري أنها أرقام مبالغ فيها وان السلطات المغربية تعمدت تضخيمها بدعوى تقبلها الكبير الواسع من طرف أغلبية الشعب المغربي. ويبقى ظاهر هذا الدستور تخلي الملك محمد السادس عن صلاحياته لصالح وزيره الأول ولكنه في واقع الحال احتفظ بكل صلاحياته وسلطاته السابقة بطريقة ذكية جعلت الرأي العام المغربي يعتقد خطأ أن الملك ترك فعلا صلاحياته السابقة لصالح البرلمان والحزب الذي يفوز بأكبر المقاعد فيه. وهو ما جعل حركة 20 فيفري تصر في كل مسيراتها المطلبية على إقامة مملكة برلمانية حقيقية يتحول فيها الملك من متحكم في كل السلطات إلى مجرد رمز في البلاد. وكانت عدة أحزاب يسارية وإسلامية غير معترف بها شكلت تكتلا سياسيا مع حركة 20 فيفري عشية إجراء الاستفتاء في الفاتح جويلية الجاري من اجل الاستمرار في المسيرات والاحتجاجات الرافضة لسياسة الأمر الواقع التي يسعى البلاط المغربي فرضها ومحاولة منها لكسر حقيقة الخارطة السياسية في البلاد التي احتكرتها الأحزاب التقليدية التي سارت وخدمت كل السياسات التي ابتدعها الملك الراحل الحسن الثاني وهم ويواصلون نفس النهج مع نجله الأكبر محمد السادس. وهو ما جعل حركتهم تحظى بتأييد شعبي واسع وخاصة وان شعاراتهم المرفوعة أكدت على رفض ما أسموه بالدستور الممنوح ''ومواصلة الاحتجاجات من اجل تحقيق العيش الكريم للشعب يعاني الحيف والفقر وتباين في مستويات العيش بالإضافة إلى وضع حد لتفشي مظاهر الفساد من رشوة ومحاباة وتبديد للأموال العمومية وبمزيد من الحريات العامة والفردية لشعب مل سياسات تكميم الأفواه وسياسة الأمر الواقع. وأكدت خديجة رياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمتعاطفة مع حركة 20 فيفري أن هذه المسيرات ''اثبت أن هذه الحركة الاحتجاجية ما فتئت تتعزز'' حتى الاستجابة لمطالب الشباب المغربي بعد أن اعتبرت أن وثيقة الدستور الجديد ''لم تستجب لتطلعات الحركة وشروط دستور ديمقراطي''.