تحتضن منطقة آث يني بولاية تيزي وزو منذ يوم الخميس الفارط فعاليات صالون المجوهرات الفضية في طبعته التاسعة، التظاهرة التي تدوم إلى غاية 22 من شهر جويلية الجاري ينتظر أن تحتضنها إكمالية العربي مزاني والمركز الثقافي التابع لذات البلدية. وأشرفت السلطات المحلية على الافتتاح الرسمي للتظاهرة التي سطّر منظومها برنامجا ثريا تضمن معرضا لمختلف الصناعات التقليدية والحرف من لباس تقليدي قبائلي حلي فضية، فخار، زرابي وغيرها، وقد عرف المعرض مشاركة حرفيين من عدة ولايات منها الجلفة، تمنراست، أدرار، غرداية، سطيف، إضافة إلى الولاية المحتضنة للتظاهرة. كما احتضنت إكمالية العربي مزاني عروضا لمنتوجات 41 صائغا من أبناء ''أث يني''، إلى جانب مشاركة صائغين من أدرار وتنمراست الذين عرضوا مختلف إبداعاتهم في مجال تحويل مادة الفضة إلى أشكال مختلفة جميلة زادتها جمالا وجاذبية الألوان المستوحاة من الطبيعة التي زيّنت بها وأعطت لها وجها يجلب أنظار الزوار، واعتبر المعرض فرصة للحرفيين حتى يقوموا بعرض منتوجاتهم الجديدة التي أبدعوا فيها من خلال إدماج موديلات تساير العصر. وسّطر القائمون على تنظيم هذه الطبعة برنامجا ثريا تلقى من خلاله محاضرات حول صناعة الحلي، المشاكل التي يواجهوها الصائغ، نقص المادة الأولية وغلائها وغيرها من النقاط التي سيتطرق إليها المحاضرون، إضافة إلى مسابقات رياضية ستعرف مشاركة قدماء فريق الكناري وحفلات فنية من إحياء نخبة من الفنانين، كما أن لجنة التنظيم قد برمجت مسابقة ''طمبولا'' سيحصل الفائز بها على سيارة فخمة، جهاز تلفاز ودرجة نارية. وينتظر أن تختتم التظاهرة بحفل توزع فيه الشهادات على المشاركين. وللإشارة، فإن هذه التظاهرة التي اعتادت بلدية آث يني تنظيمها كل سنة منذ 1995 تعرف يوميا إقبالا منقطع النظير للعائلات والسياح، حيث أتاحت الفرصة للزوار لاقتناء أجود معروضاتها الفضية، كما تميّزت طبعة هذا الموسم بتوافد أجانب ومغتربين من أبناء الولاية، حيث سجلت لجنة تنظيم الحفلات بآث يني حضورا مميّزا قدر في يوم الافتتاح ب800 زائر. وحسب مصدر مقرب من البلدية، فإن هذه الأخيرة سخرت وجهزت كل الإمكانيات من أجل إنجاح التظاهرة التي تعدّ جد هامة بالنسبة لممارسي الحرفة، وكذا للبلدية التي ستعرف إقبالا وتوافدا كبيرين للزوار والسياح لاقتناء مختلف المنتوجات الفضية التي تعرض بالمناسبة. ويضيف ذات المصدر أن التظاهرة ستعمل على تصحيح فكرة غياب الأمن في المنطقة، وهو ما يمكّن من تشجيع السياح للتردّد على هذه المدينة التي تزخر زيادة على صناعة الحلي بمناظر طبيعية خلابة وساحرة. صناعة الفضة حرفة مورثة وإرث عريق وتشتهر ولاية تيزي وزو بصناعاتها التقليدية الأصيلة، منها صناعة الفخار، صناعة الزرابي، الحلي الفضية التي تعتبر إحدى أقدم الصناعات التقليدية بالمنطقة، والتي لا تزال تلقى رواجا وطلبا كبيرين لدى نساء المنطقة اللواتي لا يستهويهن الذهب بقدر ما يستهويهن هذا المعدن الأبيض سيما إذا ما تفنن وأبدع صاغته في تحويله وتزيينه بقطع من المرجان بألوان مختلفة بين اللون الطبيعي الأصلي الأحمر القاتم، والوردي والأبيض في بعض الأحيان، وهو ما يميّز حلي منطقة القبائل عن الأنواع الأخرى، حيث أبت النساء التخلي عن هذه الحلي سيما آمشلوخ وتبروشت التي توضع على الصدر وتعصابت التي تضع على الجبين في مختلف المناسبات والأفراح ما كان وراء إبقاء الطلب على هذه الحلي رغم منافسة المجوهرات الذهبية لها، إلاّ أن نساء القبائل يحبذن التزيّن بالمجوهرات الفضية الجميلة التي تزيد لباس المرأة القبائلية جمالا وأناقة. ويسعى الحرفيون بولاية تيزي وزو وبالأخص منطقة آث يني جاهدين إلى ابتكار موديلات جديدة من أجل استقطاب زبائن جدد لمقاومة غزو الإكسسوارات الغربية والشرقية التي انتشر استخدامها لجمالها ولانخفاض سعرها، حيث عمدوا إلى إدخال تغييرات جديدة كانت وراء زيادة الطلب على الحلي بكثرة، خاصة بعد أن أضفت أنواع المرجان ألوانا جميلة وجذابة على الحلي، ما جعلها تتماشى مع اللباس اليومي، حيث يؤكّد عمي أمقران الذي يعدّ من أقدم صائغي الفضة بآث يني في لقائه ب''المساء'' أنه يعمل منذ صغره على تعلم وإتقان الحرفة التي هو الآن بصدد نقل الرسالة التي تلقاها من أجداده لأبنائه لضامن ممارستها وعدم التخلي عنها، والتي أصبحت مصدر رزقهم اليوم، حيث قال إن الموديلات الجديدة التي طرأت على الحلي الفضية ومختلف أنواع المرجان خاصة ذو اللون الأحمر الصافي المشرق والخالي من الشوائب والتشققات ذا أحجام كبيرة نسبيا الذي يعدّ أغلى أنواع المرجان، يستعمل بمفرده كقطعة خالصة، فيما أن أسعار المرجان الأخرى ما كان لونه ورديا أو أبيض تكون منخفضة وفي متناول الجميع. وأضافت نعيمة صائغة من آث يني أنها حريصة على المحافظة على الجانب الإبداعي والجمالي في رسم الموديلات الجديدة للحلي، بإضفاء ألوان زاهية كالأزرق والأخضر والأصفر والمزيج بين أحد هذه الألوان والأبيض، ما يجعلها تبدو دائما جديدة ومختلفة عن تلك المعروضة، ويساهم في بقاء الفضة واحتفاظها بمكانتها إلى جانب المعدن الأصفر.