أحيت اث يني أول أمس وتحت إشراف والي الولاية وممثلي وزارة المؤسسات المتوسطة والصغيرة والصناعات التقليدية، الطبعة الثامنة لعيد الفضة، وقد شهد اليوم الأول من هذه التظاهرة التي ستتواصل لغاية الفاتح أوت المقبل إقبال عدد هائل من الزوار الذين تزاحموا بمختلف أجنحة معرض الحلي التقليدي الذي احتضنته إكمالية العربي مزاني وشارك فيه 76 صائغا من اث يني، الذين حرصوا على عرض أجمل ما أنتجته أيديهم خلال 11 شهرا كاملة من العمل المتواصل بورشاتهم المتواضعة. وقد شاركت في هذه التظاهرة التي نظمت هذه السنة تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية وزيادة عن الولاية المحتضنة 9 ولايات أخرى، وهي تمنراست، العاصمة، غرداية، سطيف، ادرار، واد سوف، عين تيموشنت، إيليزي وبومرداس. وقد عرض الحرفيون المشاركون وبدار الشباب مختلف منتجاتهم التقليدية من زرابي، لباس تقليدي، وفخار. وإثراء للتظاهرة من المرتقب أن ينظم يوم دراسي في ال31 الجويلية المقبل سيتمحور حول موضوع حماية الفن التقليدي سيشارك فيه العديد من المختصين، كما ستنشط ليليًا وتجسيدا لرغبة المسؤولين في تشجيع السياحة بالمنطقة حفلات من إمضاء العديد من المطربين المحلين، وذلك ابتداء من الساعة ال21 ليلا. وقد تميز الاحتفال هذه السنة بتنظيم قرعة سيفوز فيها سعيد الحظ بسيارة فخمة. وقد كانت هذه التظاهرة التي احتضنت اث يني طبعتها الاولى في 1995 وتوفقت خلال 3 سنوات من 2001 إلى 2003، فرصة لحرفيي الولاية لطرح انشغالاتهم، والمطالبة بالتفاتة المسؤولين، السوق السوداء الممول الوحيد ب20 مليونا للمرجان و5 ملايين للمادة الأولية اقتربت المستقبل من صائغي اث يني، للتعرف أكثر على متاعب الحرفة، فوجدنا الصائغين على حافة الانفجار يبحثون عن أذان صاغية للمشاكل التي تواجهها حرفتهم ويتجاهلها من المسؤولين، وبملامح الغضب تحدث العارضون معنا وشعرنا بتأزم الوضعية وأن العيد كما صرح احدهم عيد الفضة وليس عيدهم، واكبر مشكل تتعرض له الحرفة هو نقص المادة الأولية وغيابها عن السوق، ما يجعلهم يلجأون للسوق السوداء، حيث يتعمد التجار ولغياب المنافس والمراقبة رفع الأسعار من 3 ملايين إلى 5 ملايين للمادة الأولية، بينما وصل كيلوغرام من المرجان 20 مليون سنتيم، والذي يغامر الصيادون خلال اصطياده ونقله، هروبا من المسؤولين ما يجعلهم يبررون رفعهم للأسعار، وما يثير غضب الصائغين هو أن المادة تغيب في الأسواق في الشتاء الفترة الملائمة للصنع، اذ حسب تصريحهم دائما فإنهم يشرعون في صنع المجوهرات ابتدءا من شهر سبتمبر، ويسخرون 11 شهرا كاملة للصنع، ليعرضوا للبيع خلال شهري جويلية وآوت اجمل ما صنعته ايديهم، ما يدفعهم لرفع الأسعار لمختلف المجوهرات التي تراوحت بين بين 800 دج و40000 حيث تختلف الأسعار باختلاف الحجم والنوع. وأغلى المجوهرات الفضية (ثسابث) االتي تضعها المرأة القبائلية على رأسها للزينة وترمز للتحالف والوحدة بين العائلات. هذا ولم يغير توفير السلطات المادة الاولية في الصيف كما لحظناه في المعرض من الحقيقة في شيء ، كما غاب ومنذ 10 سنوات عن السوق الجزائرية الدهن الأصفر الذي كان الصائغون يستخدمونه في صناعة المجوهرات، اذ كان حرفيو المنطقة يستوردون المادة ة من فرنسا ولكن وبعد إغلاق المصنع غاب المصدر الوحيد وعوضت هذه المادة بنوع آخر بعيدا كل البعد عن جودة اللون الأصفر الغائب عن السوق الجزائرية، ويرمز اللون الاصفر للشمس، الأزرق للسماء والاخضر للطبيعة، وفي سؤالنا حول بطاقة الحرفي التي وضعتها وزارة المؤسسات المتوسطة والصغيرة والصناعات التقليدية، ومع حمايتهم من الضرائب للعشر السنوات المقبلة، فقد اقبل العديد من الحرفيين للحصول عليها، بعد اجتيازهم لامتحان. وارتفع العدد، مقارنة بالسنة الفارطة التي لم يتجاوز عدد الصائغين المصرحين 37 من ال 300 تقريبا الذين تحويهم المنطقة حيث كانوا يتفادون التصريح بتجارتهم، تهربا من الضرائب، وتعتبر الحياة هي المدرسة الوحيدة لهؤلاء الحرفيين الذين تتلمذوا على أيدي الاجداد وتكونوا ثم تخرجوا دون شهادة تشهد على كفاءتهم، والتي ستسمح لهم بفتح محل مجوهرات خاص بهم، وبفضل هذه التسهيلات سيتمكن الصائغون من تحقيق هذا الحلم، بعدما كانوا يبيعون منتوجاتهم في الأسواق. الحلي تراث وأصالة تعتبر الفضة بكل أشكالها وأنواعها، تراثا حافظت عليه منطقة القبائل، وحرصت الأجيال على نقل الأمانة وتلقينها من جيل لآخر، وكانت تلك المجوهرات تترجم وتعبر عن عدة معاني عميقة، وتستخدمه النساء للتعبير عن فرحتها، فتضع المرأة على رأسها الجوهرة التي تسمى (افزيم) حينما ترزق بولد، ويفهم كل من يراها أن السعادة تغمرها، كما تضعه النساء حينما يتزوج احد أبنائها، وتعتبر هذه الحرفة مكسب رزق للعائلات والعديد من القرى التي تخصصت في هذه الحرفة، التي مهدها، كما يشهد عليه تاريخ المنطقة، آث يني الواقعة على بعد 36 كلمتر من الولاية، وتميز حرفيو المنطقة بطريقة فريدة من نوعها لم يتمكن حرفيو المناطق الأخرى من منافستهم فيها، لكن السنوات لم تكن في صالح هذا التراث ، إذ تناقص وبأرقام مخيفة عدد الحرفيين. فحسب تصريح الصائغين، ففقد كان عددهم منذ سنوات يتجاوز ال30 حرفيا في ورشة واحدة لكن عددهم حاليا 3 على الأكثر، وهو أكثر ما يقلق الغيورين على هذه الحرفة بالمنطقة، وإحيائهم لعيد الفضة ليس إلا سبيلا لإعادة للمنطقة حرفييها، ولازلت العديد من العائلات تلقن أبناءها أسرار هذه الحرفة في سن مبكرة وفي غالب الأحيان 15 سنة، يبدأ خلالها الطفل التعلم خطوة بعد خطوة من الجوهرة البسيطة إلى المعقدة وأكثر ما يحرص عليه الحرفيون هو تعليم أبنائهم حب المهنة الذي هو سر صمودها وبقائها رغم مختلف الصعوبات التي واجهتها الحرفة ولازالت تواجهها، وهو ما جعلها تفرض وجودها، وتكون حاضرة في مختلق التظاهرات، وتعبر الحدود محافظة على ارث منطقة القبائل.