وجدت الحكومة السورية نفسها مضطرة إلى اللعب على نفس وتر المعارضة بتنظيم لقاءات ومؤتمرات حتى مع رموز المعارضة في مسعى لإقناع هذه الأخيرة بالدخول في حوار وطني شامل وذلك بعدما عجزت عن احتواء الأزمة المتفاقمة في البلاد رغم إجراءات التهدئة المتخذة تباعا. وأجرى نائب الرئيس فاروق الشرع لقاءات مع عدد من رموز المعارضة الفكرية في البلاد استكمالا للقاء التشاوري الذي عقدته الحكومة في العاشر جويلية الجاري وضم شخصيات مستقلة وحزبية وأكاديمية من أجل إيجاد مخرج للأزمة المتعددة الأوجه التي تعصف بالبلاد منذ منتصف مارس الماضي. وهو اللقاء الذي قاطعته المعارضة التي تستعد لعقد مؤتمر آخر بالعاصمة دمشق على غرار مؤتمرها الأول لبحث طبيعة الدولة الديمقراطية المدنية وكيفية الانتقال السلمي الآمن من أجل إقامتها. والتقى الشرع، أمس، وجوها بارزة في أطياف المعارضة في الداخل وكان من بينهم الكاتب ميشيل كيلو والباحث الاقتصادي عارف دليلة وكل من الزعيم الشيوعي قدري جميل والكاتب أنيس كنجو والمفكر طيب تيزيني وآخرين. ويبدو أن الحكومة السورية سارعت إلى تبني أسلوب تعامل جديد مع المعارضة خاصة في ظل إصرار هذه الأخيرة على موقفها بضرورة التوجه إلى مرحلة انتقالية لإقامة دولة ديمقراطية. وسبق لمعارضة الداخل أن عقدت مؤتمرا لها في العاصمة دمشق في نفس الوقت الذي عقدت فيه أحزاب وشخصيات المعارضة في الخارج مؤتمرا موازيا بمدينة اسطنبول التركية بحث خلاله المشاركون سبل الانتقال إلى دولة ديمقراطية ومدنية. وبالتوازي مع تحركات المعارضة واصلت الحكومة السورية اتخاذ مزيد من إجراءات التهدئة كان آخرها مصادقة مجلس الوزراء على مشروع قانون الأحزاب الجديد الذي يندرج في إطار برنامج الإصلاح السياسي وفتح المجال أمام التعددية الحزبية وفق الشروط التي تتضمنها بنود القانون. وفي محاولة لإقناع المعارضة والمتظاهرين بمصداقية هذا القانون أكد وزير الإعلام السوري عدنان محمود ان ''مشروع قانون الأحزاب الذي أقرته الحكومة يضع الأسس التشريعية والقانونية المنظمة للحياة السياسية والتعددية الحزبية التي تشكل إحدى ركائز النظام الديمقراطي في ممارسة المواطنين لحقوقهم في المشاركة السياسية''. وأضاف أن ''القانون سيقود إلى تفعيل الحراك السياسي وتوسيع المشاركة الصحيحة في إدارة الدولة من خلال إيجاد البيئة المناسبة لقيام أحزاب جديدة وفق برامج سياسية وتعمل بالوسائل الديمقراطية والسلمية قصد تداول السلطة والمشاركة في مسؤوليات الحكم''. وأشار الوزير السوري إلى أن صياغة القانون راعت مقتضيات المرحلة وحتى يتماشى مع قوانين الأحزاب في دول العالم مع مراعاة الخصوصية السورية بعدم جواز تشكيل أحزاب على أساس ديني أو مذهبي أو قبلي أو مناطقي وتأكيد الحفاظ على وحدة الوطن وترسيخ الوحدة الوطنية للمجتمع''. وأصدرت القيادة السورية في الآونة الأخيرة عدة قوانين وإجراءات تهدف إلى تسريع عملية الإصلاح في البلاد منها إصدارها لمرسوم عفو استفاد منه معتقلون سياسيون بمن فيهم المنتمون إلى حركة الإخوان المسلمين وإنهاء حالة الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة العليا وإجراءات لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين. وهي إجراءات اعتبرتها المعارضة بغير الكافية خاصة وأن الواقع الميداني في ظل استمرار قمع المتظاهرين يتناقض مع الإصلاحات التي تعلن عنها الحكومة في كل مرة. فقد أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان الكائن مقره بالعاصمة البريطانية لندن أن قوات الجيش اعتقلت، مساء أول أمس، عشرات المحتجين في مختلف مدن البلاد التي تشهد منذ أشهر حراكا شعبيا متواصلا للمطالبة برحيل نظام الرئيس بشار الأسد.