يُعول على اجتماع الثلاثية ''حكومة ونقابة وأرباب العمل''، المقرر عقده أواخر شهر سبتمبر المقبل، أن يكون محطة مناسبة لتجسيد إصلاحات اجتماعية تكون في مستوى تطلعات الطبقة العاملة والمواطنين بصفة عامة، ولم تحدد الحكومة جدول الأعمال بعد، حيث أنها لا تزال في مرحلة التشاور مع شركائها الاجتماعيين. ويرتقب من الاجتماع، الذي يتزامن موعده مع الدخول الاجتماعي، أن يعالج مختلف الملفات الاجتماعية التي تصب في خانة إعادة الاهتمام بالرواتب والأجور والعلاوات، وبالتالي تعزيز القدرة الشرائية للعمال الجزائريين، وكذا استحداث سلم للقيم يتماشى والشهادات العلمية المحصل عليها في شتى المجالات والتخصصات. وقد أعلن وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي السيد الطيب لوح، أول أمس، بالجزائر العاصمة، أن الثلاثية (حكومة-نقابة-أرباب عمل) ستجتمع نهاية شهر سبتمبر القادم، وستتناول ملفات اجتماعية، مضيفا أن الحكومة لا زالت في مرحلة التشاور مع شركائها الاجتماعيين لتحديد جدول الأعمال. وعن مشاورات الثلاثية، أوضح الوزير-خلال استضافته في حصة ضيف الأخبار بالتلفزيون الجزائري- أن الحكومة وشركائها الاجتماعيين والاقتصاديين يواصلون النقاش فيما يخص القانون الجديد للعمل الذي ''لا تزال نقاط هامة منه لم يفصل فيها لدقتها''. ويذكر أن اجتماع الثلاثية الأخير عقد في 28 ماي الماضي وخصص لبحث كيفية تطوير الاقتصاد وترقية المؤسسة. ومن جهته، يراهن الاتحاد العام للعمال الجزائريين على لقاء الثلاثية المقبل لضمان دخول اجتماعي جيد، خاصة وأن اللقاء سيخصص للملفات الاجتماعية، بحيث من المنتظر أن تجتمع قيادة المركزية النقابية، برئاسة أمينها العام، مباشرة بعد عيد الفطر، للحسم بشكل نهائي في قائمة الملفات التي ستطرح على طاولة المفاوضات خلال اجتماع الثلاثية. وكانت المركزية النقابية، قد حددت في لقاء مع رؤساء الفدراليات الوطنية ستة ملفات أساسية تحسبا لمفاوضات الثلاثية، على غرار ملف رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون الذي يعادل حاليا 15 ألف دج وذلك بهدف تمكين فئة من العمال من الاستفادة من زيادات أخرى في الأجور بالنظر إلى الارتفاع المتواصل للأسعار. ولا تعارض الحكومة من حيث المبدأ، مراجعة الحد الأدنى للأجور، إلا أنها أكدت أن أي زيادة في رواتب الموظفين يجب أن لا تكون سببا في إفلاس مصالح إدارية وشركات. وبعد أن تم رفع الأجر الوطني المضمون في الاجتماع الماضي من 12 إلى 15 ألف دينار جزائري وفقا لتوصيات رئيس الجمهورية، تسعى الوزارة الوصية إلى رفع الحد الأدنى للأجر الوطني المضمون، وذلك لتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين أمام ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، وهذا من خلال مباشرة الحكومة مشاورات مع الشركاء الاجتماعيين من أرباب العمل والاتحاد العام للعمال الجزائريين لإعادة النظر في مبلغ الحد الأدنى من الأجر القاعدي الوطني المضمون، بالاستناد إلى المعطيات والظروف الموجودة. وإضافة إلى ملف الأجر الوطني الأدنى المضمون، ستتم إعادة طرح ملف تخفيض نسبة الضريبة على الدخل الإجمالي بالنسبة للأجراء وإلغائها نهائيا بالنسبة للأجور الزهيدة، وهو ما سيمكن من تحسين القدرة الشرائية لفئة واسعة من العمال، كما يرتقب أن يرافع الاتحاد العام للعمال الجزائريين لصالح حقوق اليد العاملة في المؤسسات الأجنبية لاسيما في منطقة الجنوب وحقوق العمال المؤقتين فضلا عن حقوق العمل داخل البيوت مع تنظيمه، إضافة إلى اقتراحات تخص فرض تطبيق الاتفاقيات القطاعية على القطاع الخاص الذي ليس لديه تمثيل نقابي. وبالعودة إلى ما قاله وزير العمل، أول أمس، في حصة ضيف الأخبار، فقد أشار إلى أن البطالة ليست مقتصرة على الجنوب بل توجد في كل مناطق الوطن وفي كل البلدان، مذكرا بأن نسبة البطالة التي كانت تقدر ب30 بالمائة سنة 1999 تقلصت إلى 10 بالمائة في 2010 وفقا للديوان الوطني للإحصائيات الذي ''يعمل حسب معايير منظمة العمل الدولية''. وفي سياق متصل استبعد الوزير احتمال إلغاء عقود العمل للمتقاعدين لتوفير مناصب شغل أكثر للشباب، موضحا أن ''عدد المتقاعدين محدود وسوق العمل يوفر فرصا كبيرة نتيجة الإصلاحات والتحفيزات في الاستثمار بالقطاع الاقتصادي''. وذكر بهذه المناسبة بتعليمة رئيس الجمهورية التي وجهها للحكومة خلال الجلسة الخاصة لتقييم القطاع والتي تقضي برفع حصة الجباية البترولية التي يتم تخصيصها للصندوق الوطني لاحتياطات التقاعد الممول بشكل أساسي من تخصيص نسبة 2 بالمائة من الجباية البترولية السنوية. على صعيد آخر، سجل الوزير أن العمالة الأجنبية في الجزائر تبلغ حاليا حوالي 49000 وتستخدم في المشاريع الكبرى والطريق السيار وكذا بناءات الأشغال العمومية. ونفى الوزير عزم قطاعه مسح ديون الشباب المستفيدين من قروض دعم التشغيل، مؤكدا أن ذلك ''غير وارد إطلاقا'' ملاحظا في هذا الشأن أن الشباب ''يرتبون في المراتب الأولى'' بالنسبة لتسديد القروض البنكية مقارنة بالقروض التي تمنح لعامة المواطنين. وأكد الوزير أن الحكومة لا تنوي رفع نسبة اشتراكات العمال في الضمان الاجتماعي مبرزا في ذات الوقت أن القطاع يبحث عن موارد إضافية للضمان الاجتماعي لا سيما من خلال عقلنة نفقات التأمين على المرض.