أخذت الملابس التركية حصة لايستهان بها في السوق الجزائرية خلال السنوات الأخيرة لعوامل مختلفة. وإذا كانت بدايات اقتحام النسيج التركي للجزائر قد تمت عبر مايجلبه بعض المستوردين الجزائريين بصفة فردية، فإن المنتجين الأتراك انتقلوا حاليا إلى مرحلة تصدير المنتج عن طريق الشراكة، ويفكرون حتى في الاستثمار، بعد أن لاقت تصاميمهم للمحجبات وغير المحجبات إقبالا جعل بعض المحلات تتخصص في بيعه. أصبح من المؤكد أن في خزانة كل سيدة جزائرية لباسا واحدا على الأقل مصنوع بتركيا، فالملابس القادمة من هذا البلد انتشرت في السوق الجزائرية بصفة تدريجية، بل أخذت مكانا مميزا جعل البائعين يعتبرونها مرجعا للنوعية والجودة. وما ساهم في نجاح المنتج التركي بالجزائر تراجع المنتج الأوروبي الذي كان طاغيا، لعدة عوامل أهمها صعوبة الحصول على التأشيرة بالنسبة للمستوردين، وكذا ارتفاع سعر الأورو الذي رفع ثمن الملابس الأوروبية التي لم تعد متاحة للجميع. إضافة إلى الغياب التام للإنتاج المحلي، والنوعية الرديئة للمنتج الصيني المتوفر هو الآخر بكثرة. الملابس التركية...البديل الوحيد للأوروبية تقول وردة أنها تفضل في الكثير من الأحيان اقتناء ملابس تركية نظرا لجودتها وتصاميمها الفنية ''الرائعة'' -كما تقول- والتي لاتتوفر في الملابس الأخرى حتى التي تباع بأثمان غالية. وردة التي ترتدي الحجاب، تنوعت مقتنياتها من المنتج التركي بين السراويل والأقمصة والفساتين تقول: ''أحيانا كنت أقتني ملابس غالية، لكن كنت أتفاجأ من كونها مصنوعة في الصين. وفي الحقيقة ورغم أنها ملابس جيدة، إلا أنني لا أحب أن ألبس المنتج الصيني، إنها مسالة نفسية...أصلا أنا أفضل الملابس الأوروبية، لكن في السنوات الأخيرة أصبحت قليلة، للصعوبات التي يواجهها المستوردون في توفيرها، لذا فإنني أعتبر أن البديل المناسب هو المنتج التركي، رغم أن هذا الأخير قد لايكون أحيانا في المستوى، حيث أتذكر أنني اشتريت بعض القطع التي سرعان ماظهرت عليها عيوب، كما أن ثمنها مُبالغ فيه مقارنة بنوعيتها''. هو نفس الرأي الذي لمسناه عند ريم التي اعتبرت أن الملابس التركية هي أفضل بديل لتلك المصنوعة في أوروبا، بالرغم من أنها لاترقى إليها. فهناك عيوب في التصاميم والخياطة تلاحظها أحيانا في بعض القطع رغم سعرها الغالي، وهو مايزعجها. كما تشير ريم إلى أن أكثر مايعجبها في الإنتاج التركي هو ملابس النوم والملابس الداخلية بالنظر إلى نوعية القطن المستخدمة في إنجازها، والتي تراها من أجود الأنواع. وجاء تنظيم الطبعة الثانية لصالون الموضة، الذي احتضنه قصر المعارض بالصنوبر البحري بين 15 و17 سبتمبر الجاري، في سياق طموح المنتجين الأتراك ل ''إغراق'' السوق الجزائرية بملابسهم باختلاف أنواعها، وهو الرأي الذي عبرت عنه حسيبة وهي صحافية، إذ أبدت اقتناعها بأن هذا الصالون هدفه الأول والأخير هو ''البيع'' لاسيما في ظل الفراغ الذي يعرفه قطاع النسيج ببلادنا، والذي جعل من السوق الجزائرية ''مستودعا فارغا'' يسعى الجميع إلى ملئه. دعم العلاقات التجارية...من جانب واحد؟ ولم يخف السفير التركي، الذي أشرف على افتتاح الصالون، رغبة تركيا في تطوير المبادلات التجارية مع الجزائر، معتبرا في كلمة ألقاها بالمناسبة أن الصالون يعد نشاطا تجاريا واقتصاديا الهدف منه تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الجزائر التي قال أنها ليست في مستوى العلاقات السياسية بين البلدين. وقد عرفت الطبعة الثانية من الصالون ارتفاعا في عدد المشاركين، إذ انتقل من 31 إلى 34 عارضا- حسب إلهام- وهي ممثلة الشركة التركية المنظمة، التي أكدت أن نجاح الطبعة الأولى ساهم في إنجاح الطبعة الثانية، مشيرة أن الصالون لايهدف إلى البيع وإنما البحث عن شركاء يسوقون المنتجات المعروضة في الجزائر. وقالت أن بعض العارضين يشاركون لأول مرة والبعض الآخر عاود المشاركة في هذه الطبعة. تحدثنا مع ممثلي بعض الشركات العارضة، فبدا واضحا أن هناك اقتناعا لديهم بأن العمل في الجزائر جد مربح، ولذا فأنهم جاؤوا هنا للبحث عن شركاء وزبائن لسلعهم التي جسدت موضة خريف وشتاء ,2011 وهو مايؤكد الاحترافية في عملهم. 50 بالمائة من الألبسة التركية للعرب! ''فتيح أوستا'' أحد العارضين الذين يعرفون السوق الجزائرية جيدا عبر الشركاء الجزائريين العشر الذين يعمل معهم، قال أنه جد راض عن عمله هنا وأن منتجاته تباع في الجزائر منذ مدة، وأنه بعد أن وقع عقود عمل مع شركائه الذين زاروا مصنعه بتركيا، فضل أن يأتي بدوره لأول مرة للجزائر من أجل ضبط عمله مع شركائه والاطلاع عن قرب على أجواء العمل، ولهذا جلب أزياء خريفية وشتوية من آخر تصاميم الشركة. يقول أن عمله بالجزائر ''جيد''، مع العلم أنه مختص في صناعة الملابس الكلاسيكية، بل أنه يفتخر بأن 50 بالمائة من منتجاته تسوق إلى الدول العربية، ولايستبعد أن يكون نجاح المسلسلات التركية قد ساهم في الإقبال على المنتجات التركية بهذه البلدان خاصة من طرف النساء. من جانبه، أشار مدير شركة ''ميس ياغومور'' أن هدفه الرئيسي من المشاركة في الصالون هو بيع منتجاته في الجزائر، ويوضح أن الأخيرة تسوق ببلادنا، لكنه يطمح لايجاد وكلاء له. ورغم أن أغلب الملابس المعروضة موجهة للمحجبات، فإنه اعتبر أن حتى غير المحجبات يمكنهم ارتداء ماتعرضه الشركة، لكنه اعترف أنه استهدف المحجبات لأن عددهن كبير في الجزائر. وقال محدثنا ''أنا متفائل جدا بوجودنا في الجزائر، ونحن نتوقع إلباس 10 ملايين امرأة أي نصف النساء الجزائريات تقريبا، وبالتالي، فإن السوق الجزائرية جد واعدة. وعن تفكيره بالاستثمار هنا، رحب ممثل الشركة التركية بالفكرة وأوضح أن ذلك مرتبط بكمية المنتجات التي يتم بيعها، فكلما زاد الطلب عليها كانت الحاجة للاستثمار في الجزائر، مما سيسمح بتخفيض أثمان هذه السلع. وتتبع الشركة في تصاميمها الموضة الأوروبية سواء من حيث الألوان أو القصات، وهو مايجلب -على مايبدو- الزبونات الجزائريات اللواتي لديهن كذلك ميلا نحو الموضة الأوروبية عموما.