تباينت ردود أفعال نواب المجلس الشعبي الوطني بخصوص مشروع القانون العضوي الذي يحدد حالات التنافي مع العهدة البرلمانية ولا يسمح للنواب بازدواجية الوظيفة والمهمة التشريعية، ما عدا مهنتي الأستاذ والطبيب، حيث انقسم النواب بين مؤيد ومعارض بشدة للمشروع الذي قال عنه السيد الطيب بلعيز وزير العدل حافظ الأختام إنه يهدف لحماية النائب من كل الضغوطات التي لها علاقة بالمهن الأخرى والتي قد تؤثر على أداء مهمته في قبة البرلمان. وأثارت المادة القانونية المتعلقة بمنع النائب من أداء وظيفة أخرى والجمع بين الوظيفتين ضجة بين النواب المؤيدين والمعارضين خاصة المتضررين من هذا المنع الذين أرادوا الدفاع عن أنفسهم. مبررين هذا الرفض بكون أصحاب عدة مهن يرغبون في الترشح للبرلمان لكنهم بالمقابل لا يستطيعون التخلي عن المهن التي يمارسونها، معتبرين أن هذا الإجراء سيحرم عدة مواطنين لهم مهن مختلفة من الترشح للمجلس الشعبي الوطني في حال تمسكهم بمهنهم التي يمنعهم القانون ممارستها خلال العهدة البرلمانية. وأوضح السيد بلعيز أن المادة 5 من مشروع القانون تسمح ببعض الحالات الاستثنائية أي أنه توجد بعض المهن لا تتنافى مع العهدة البرلمانية والمتمثلة في ممارسة نشاطات مؤقتة لأغراض علمية، ثقافية، إنسانية، أو شرفية لا تؤثر على الممارسة العادية للعهدة البرلمانية بعد موافقة مكتب الغرفة المعنية على ذلك. علما أن المشروع يسمح للبرلماني بممارسة مهمة مؤقتة لصالح الدولة لا تتجاوز سنة بالإضافة إلى مهام أستاذ أو أستاذ محاضر أو أستاذ في الطب لدى مؤسسات الصحة العمومية إلى جانب مهام تمثيل البرلمان لدى الهيئات التشريعية الدولية أو الجهوية. وفي تدخله أمام نواب المجلس الشعبي الوطني لدى مناقشة مشروع القانون أوضح السيد بلعيز بأن حالات الاستثناء أملتها ظروف ضرورية. مشيرا إلى أن السماح للبرلماني بممارسة مهام أستاذ أو أستاذ محاضر راجع إلى المعطيات التي قدمها وزير التعليم العالي الذي تحدث عن نقص عدد المؤطرين الجامعيين في بعض التخصصات كهذه. وهو السياق الذي برر من خلاله الوزير حتمية السماح للأطباء بممارسة مهنة الطب خلال عهدتهم البرلمانية بفقدانهم الخبرة عند الغياب لمدة خمس سنوات عن الميدان، على حد قول الوزير الذي قال إن هذه المهن المسموح بمزاولتها خلال العهدة البرلمانية ليس لها تأثير أو انعكاسات سلبية على العهدة البرلمانية. أما النواب الذين ثمنوا مشروع القانون فأرجعوا ذلك إلى بعض الضغوطات التي يمارسها بعض زملائهم من أصحاب المال الذين يشغلون وظائف أخرى على المجتمع ويستغلون السياسة ومقاعدهم البرلمانية لتحقيق أغراض شخصية والاستفادة من امتيازات في تجارتهم أو مهنتهم خارج البرلمان. مضيفين أن هذا السلوك يجعل النواب منشغلين بأمور أخرى بدل التفرغ لمهامهم التشريعية والانشغال بالمال والأعمال الذي يجعل الناخب يفقد ثقته اتجاه الناخب. وهو السياق الذي دعا من خلاله بعض النواب إلى أهمية الإسراع في الفصل بين المال والسياسة. ومن جهته، ذكر الوزير أن حالات التنافي التي تضمنها مشروع القانون الغرض منها حماية البرلماني وجعله مستقلا عن أي تبعية تؤثر على عمله أو تتنافى مع الثقة التي وضعها فيه الشعب. موضحا أن هذا المشروع سيضفي المزيد من الشفافية على عمل النواب في حال المصادقة عليه ليتم العمل به ابتداء من العهدة التشريعية المقبلة. وفيما يخص مطالبة بعض النواب بفتح باب الطعن للنائب أمام المجلس الدستوري أكد الوزير وجود هذا الطعن في حالة التنافي مع عهدته البرلمانية لأن الدستور حصر الطعن أمام المجلس الدستوري في رئيس الجمهورية ورئيسي المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة. مذكرا بأن النائب الذي يفوز بالمقعد في البرلمان يقدم تصريحا لدى مكتب الغرفة المعنية يتضمن تحديد الوظائف والمهام التي يمارسها ولو بدون مقابل وذلك خلال 30 يوما، لتقوم الغرفة بعد دراستها للتقرير، في حالة إثبات حالة تنافي، بتقديمه إلى مكتب المجلس. علما أن مشروع القانون يسمح لمكتب المجلس في حالة ثبوت التنافي إبلاغ البرلماني المعني ومنحه مهلة 15 يوما للاختيار بين عهدته البرلمانية أو الاستقالة، وفي حال رفض البرلماني للقرار بإمكانه أن يلجأ إلى المجلس الدستوري الذي يبلغه في حال ثبوت قرار الغرفة ويمنحه الخيار بين مهامه خارج البرلمان ومهامه التشريعية.