لعل من أهمّ البصمات الحضارية تلك التي ما تزال مبصومة على العمران وأيضا على التراث بكل أطيافه، ولأهمية هذا التراث الذي هو بطاقة تعريف وطنية متميّزة بملامحها وقاماتها التاريخية خصصّت مجلة "الثقافة" التي تصدر عن وزارة الثقافة عددها السادس عشر ل"التراث الأثري، عمران وعمارة فن وصناعة"، وفي هذه الرحلة التراثية الأثرية عبر العمران نكتشف في هذا العدد الكثير من الأشياء التي لا يمكن أن تتوفّر لنا في رحلة عبر السطور والصور والشواهد·
البداية كانت مبصومة بقلم السيدة خليدة تومي وزيرة الثقافة التي استغلّت هذه الرحلة الأثرية التاريخية لتقف بنا عند عدّة محطات حول هذه الآثار فكتبت: "العناية بالآثار والاهتمام بها، ونفض الغبار عنها··· ليس عناية بالماضي فحسب، بل بالحاضر والمستقبل أيضا··· إننا ندرك ما للآثار من أبعاد ثقافية وتاريخية واجتماعية وعلمية، ولها انعكاساتها على مختلف المجالات···"· أما الأستاذ محمد سليم قلالة، رئيس تحرير المجلة، فقد صبّر العدد بمقالة تحت عنوان "السجلات الصامتة·· تنطق ماضينا وتحدّث مستقبلنا"، حيث جاء فيها: "الآثار أو علم السجلات الصامتة كما يطلق عليه، اعتنت به الأمم واعترفت به الجامعات وأصبح أحد أهم فروع علم الإنسان "الانتروبولوجيا" والعلوم الانسانية عامة تتقاطع معه ويحتاج الى كافة العلوم"· أمّا العناوين التي احتواها العدد فهي "التراث الثقافي العربي" لسارة عبد القادر، "الوعي بالتراث الأثري في العالم العربي: آثار وعمران وعمارة فن وصناعة"· وفيما يخص الدراسات، فقد تناول العدد الكثير منها "المحافظة على التراث الوطني من وجهة نظر عالم الآثار، حماية سلم القيم·· بحماية الثروة التراثية والموروث الثقافي"، "أخطار التلوث على المعالم الأثرية، دراسة حال المعالم الأثرية بتلمسان، من روائع الآثار الاسلامية"· وفي جانب الحوارات، سجل لنا العدد 16 من مجلة "الثقافة" حوارا مع عالمة الآثار صوفي بارتيي "الآثار الإسلامية إرث عالمي يبحث عن خلف"، كما تناول العدد في العديد من المقالات العلاقات الثقافية وترابط الحضارات فيما بينها منها "العلاقات الثقافية بين المغرب الأوسط والأندلس"، المعالم البونية في منطقة "ايجيلجيلي"، "مئذنة قلعة بني حماد بين القيروان وقرطبة"، "الكتابات الوقفية بالمعالم الدينينة في تلمسان"، أما فيما يخص المدن فقد تناول العدد "بلاد الحضنة تاريخ وآثار شاهدة على حضارة نوميديا الشرقية"، "جوانب من تاريخ مدينة باغاية في العصر الوسيط"· هذا من خلال الجوانب الأثرية والتاريخية التي تناولها العدد اضافة إلى جوانب ثقافية أخرى كالمسرح والقصة والترجمة والإصدارات والشهر، والعدد 16 تميز بالأناقة من حيث الشكل والمضمون وقد زينته الصور الملونة مما أضفى عليه جمالا جذابا يشدّ القارئ إليه على مدار 191 صفحة زينتها على صدر الغلاف صورة للآثار الرومانية وعلى ظهره مئذنة المنصورة بتلمسان·