عبق التراث المعطر بسحر الأصالة خيم على قصر رياس البحر طيلة أسبوع كامل، فتزينت أرجاؤه بتحف ومنسوجات جزائرية جمعت بين العصري والتقليدي الذي يأبى الاندثار أبدعت فيها المرأة الجزائرية التي لطالما تمسكت بتراثها وهويتها الجزائرية الأصيلة، لتنقلنا من خلاله إلى تاريخ الزمن الماضي الجميل. لأننا عشنا مؤخرا شهر التراث فكان من الطبيعي ان يحتضن هذه التظاهرة موقع أثري يعبق برائحة التراث. ولعل مازاده جمالا وبهاء اكتساؤه بحلة فسيفسائية بديعة نسجتها أنامل مبدعات جزائريات تفنّن في صنع أبهى الملابس والمنسوجات فامتزجت روعة المكان بسحر الماضي ليكون المهرجان محطة توقف على عراقة الجزائر. رئيس الجمهورية يجدد دعمه للمرأة الجزائرية جاء المهرجان الوطني لإبداعات المرأة في طبعته الأولى تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية عبد العزيز بو تفليقة الذي يعتبر الثقافة إحدى الدعائم الأساسية للمشروع النهضوي الجزائري الذي يولي للمرأة مكانة رفيعة في هذا المشروع الحضاري ويحرص على انخراطها الواسع والحقيقي في الشأن العام وعلى إسهامها الفعلي والفاعل في تجسيد أهداف الحاضر وخيارات المستقبل. المرأة توقع المهرجان رقم 119 ولكون الإبداع من حيث المبدأ لا يخضع للتصنيف الجنسي تقول وزيرة الثقافة خليدة تومي، فالله سبحانه وتعالى خلق الرحل والمرأة وساوى بينهما في القلب والروح والعقل والوعي وهي العناصر الأساسية في عملية الإبداع، أكدت على ضرورة الدعم والنضال من اجل ان يكون للمرأة نفس الحقوق والحظوظ في الإبداع الفكري والفني والثقافي. الإبداع رمز الماضي والحاضر وجسر نحو المستقبل ولان الإبداع النسائي في مجال النسيج متنوع وغني غنى التراث الجزائري صقلته ولونته مختلف الحضارات التي تعاقبت على الجزائر، وزادت في تألقه وتميزه عبقرية المرأة الجزائرية عبر الأزمنة، أرادته محافظة المهرجان في طبعته الأولى رمزا من رموز التلاحم ورمزا للربط بين الماضي والحاضر وجسرا نحو المستقبل. المهرجان يعيد لقصر الرياس سحره الضائع ولم يكن تزامن المهرجان في طبعته الأولى واختياره لموضوع النسيج مع شهر التراث من باب الصدفة، حيث عمدت وزارة الثقافة لاختيار هذا التوقيت من اجل إبراز الدور الذي لعبته المرأة في حفظ وحماية التراث الثقافي الذي يشكل ذاكرة الأمة وروحها، حيث يعتبر موضوع النسيج الذي اختير هذه السنة من بين أهم الميادين التي تميز إبداع المرأة منذ القدم نظرا لارتباطه مع خصوصيتها وموقعها في المجتمعات القديمة والحديثة. معارض متنوعة... شاركت في المعرض 23 حرفية من مختلف ربوع الوطن حاولت كل واحدة منهن من خلال المساحة التي أفردت لها إبراز تراث منطقتها من خلال الأعمال المقدمة باعتبارها تحوى رموزا ورسومات تعكس الحضارات والتقاليد التي تعاقبت على المنطقة. ورغم أن البعض منهن عمد إلى إدخال بعض التقنيات الحديثة، إلا أنهن حافظن على روح الأصالة ووظفن التراث أجمل توظيف فأنتجنا الحداثة والعصرنة دون فقدان الروح فكانت أعمالهن آية في الجمال والروعة. هذا واحتضن المعرض ثلاث ورشات تكوينية في النسيج وبهذا المهرجان تواصل المرأة تميزها وتألقها، حيث فتح هذا المهرجان المجال للكثير من النساء لعرض أعمالهن والتعارف فيما بينهن واكتشاف سحر إبداعهن المتميز على اختلافه عبر ربوع الوطن. تراث وهوية... حرفة وأصالة هذا وكان للمحاضرات نصيبها خلال هذه التظاهرة، حيث سلطت مليكة عزوق محافظة التراث بالمتحف الوطني للفنون والتقاليد الشعبية الضوء على الطقوس المصاحبة لعملية النسيج، أبرزت من خلالها حساسية عملية النسيج التي تتداخل فيها قوى الحياة. من جهتها أوضحت الأستاذة عائشة حنفي خلال محاضرتها أن هذه الأخيرة تعد واحدة من التراث الثري الذي تزخر به الحضارة العربية الإسلامية منذ القدم مارسها السكان وتفننوا في إتقانها. بطاقة تعريفية... ترويجية... ومكسب خيالي ''المرأة أثبتت قدراتها الفنية من خلال صناعة النسيج''، هذا ما قاله جمال سعداوي، مستشار ثقافي بقصر رياس البحر، الذي أوضح أن المهرجان التقى مع روعة وجمالية وتاريخية العمق الحضاري للقصر الذي يعبر عن مرحلة محورية في تاريخ الجزائر. ''وهذا المهرجان استطاع ان يعرف أكثر فأكثر بالقصر، حيث كانت الفرصة للمواطنين ليكتشفوا هذا المعلم وثراء وتنوع الجزائر العميقة وهذا ما لا حظناه منذ بداية المهرجان''، يقول سعداوي. إقبال كبير للزوار الذين شدهّم جمال الموقع الأثري والمعروضات التي كانت في منتهى الروعة، واختلفت الجنسيات المتوافدة عليه محلية وأجنبية ''اندونيسيا، بكستان، ماليزيا وفرنسا''، انبهروا بهذا المعرض الذي وجدوا فيه تنوع الثراء الثقافي للجزائر وكنا الرابح الاكبر بتحقيق مكاسب على جميع الأصعدة. الخيمة الصحراوية تخترق بنايات ساحة الشهداء الشامخة ورغم شموخ بنايات ساحة الشهداء وقصر رياس البحر، إلا أن الخيمة الصحراوية فرضت حضورها وشكلت الحد الفاصل بين البحر والبنايات العالية في ديكور مميز أسر الزوار الذين توافدوا عليها بكثرة، خاصة الذين كانوا يتمنون ولوج خيمة تقليدية وملامسة خيوطها التي تتميز بسحر الطبيعة الصحراوية الخلابة.