ألح أمس المشاركون في الملتقى حول العلاقات التاريخية بين الجزائر وإسبانيا الذي نظم ببجاية على مدار يومين، على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين في مجال البحث العلمي وتبادل الأرشيف. وأفاد الأستاذ جميل عيساني ورئيس جمعية ''جهيماب'' بوجود ''رصيد هام'' من المراجع حول تاريخ البلدين بمراكز الأرشيف الإسبانية ''من حق الباحثين الجزائريين الاستفادة منها. وأوضح السيد عيساني وهو أستاذ بجامعة بجاية ورئيس جمعية ''جهيماب'' في ذات السياق، أنه ''يتعين تحديد موقع تواجد الأرشيف الذي يهمنا'' بمراكز الأرشيف الإسبانية. وقدم بالمناسبة نسخة فريدة من نوعها لكتاب ''تلخيص أعمال الحساب'' لعالم الرياضيات المغربي الشهير ''ابن البناء''. ويتعلق الأمر بمخطوط محفوظ بمدينة مدريد استنسخ مباشرة سنة 1308 من طرف أفراد عائلة أمير حماديد مرفوقا بملخص سلمه له المؤلف شخصيا. وذكر رئيس جمعية '' جهيماب'' (فريق الدراسات حول تاريخ الرياضيات في بجاية في القرون الوسطى) في هذا الصدد، أن هذه الوثيقة تحتوي على الشجرة العائلية للأمراء الحماديين. وأوضح السيد عيساني في سياق متصل ''دور وأثر بعض العلماء الأفذاذ'' أمثال سيدي بومدين وعبد الحق الإشبيلي وعالم الجبر القراشي وابن ركام في تعزيز الروابط الفكرية بين الضفتين. مشيرا إلى أن هذه الأعمال بدأت تثير اهتمام الباحثين بشمال أوروبا الذين يؤمنون بوجود تراث ومخزون تاريخي مشترك بين شمال البحر المتوسط وجنوبه، وخير دليل على ذلك -يضيف المتحدث - التظاهرات الثقافية المتعددة المشتركة التي نظمت في الضفتين على غرار إحياء الذكرى ال 600 لوفاة ابن خلدون سنة 2006 والذكرى ال 700 للمناظرات العلمية بين علماء بجاية والفيلسوف الكتالوني رايمون ليل سنة ،2007 وكذا المعرض الدولي لمدينة مورسيا الذي خصص حيزا كبيرا لمساهمة علماء المغرب العربي بصفة عامة. ومن جهتها، استعرضت مدير مركز الأرشيف لمدينة ملقة السيدة استر كروزس بلانكو، الوثائق المشتركة بين البلدين المتواجدة بإسبانيا، حيث دعت إلى '' تكثيف التبادلات''، خاصة وأن مشكل التحويل لم يعد مطروحا مع توفر تكنولوجيا الترقيم الإلكتروني للوثائق. ويرى المشاركون أن الاطلاع على الأرشيف أصبح مهمة سهلة وأن توفره ساهم في إعداد مجموعة كبيرة من المشاريع و الدراسات ذات الطابع الاجتماعي والتاريخي. وتعد الدراسة الأكثر دقة حسب المختصين، تلك التي أعدها الأستاذ عمار علاوة حول '' وصول وإقامة الأندلسيين ببجاية''، حيث ضمنها كمًا هائلا من الوثائق التي تصف بالتفصيل اندماجهم وسط سكان المنطقة وتوليهم مناصب راقية في الإدارة والجيش والتعليم، لا سيما في مجال الفقه الإسلامي. وبفضل هذا الإنجاز تمكن جامعيون آخرون من معرفة الطبيعة الحقيقية ومدى كثافة العلاقات التي كانت قائمة بين البلدين في الفترة الممتدة بين القرن 12 و.16 يشار إلى أن هذا الملتقى الذي نظم بالتعاون بين مراكز الأرشيف الجزائرية والإسبانية، سمح إلى جانب إبراز جزء من التاريخ العريق المشترك، بوضع معالم خطط عمل مشتركة بغرض رفع الستار عن تاريخ العلاقات بين البلدين وتعزيز الروابط الحالية من خلال التقارب والمعرفة المتبادلة.