على هامش افتتاح فعاليات الأسبوع الثقافي لولاية سطيفبالجزائر العاصمة، أكّد الأستاذ محمد زتيلي مدير الثقافة بالولاية، أنّ لسطيف من الإمكانيات ما يجعلها في مصف أكبر المدن في الإبداع الثقافي، لما تتميّز به من طاقات هائلة وطموحة لو لقيت التأطير الكافي، وتعدّ أيضا أجيالا من الشباب المعانق للثقافة، لابدّ أن توفّر لها جميع الفضاءات والدعم في ظل النقص والغياب شبه الكلي للهياكل التي تساعد على تطوير الفعل الثقافي· - بداية، ماذا عن واقع الثقافة بولاية سطيف؟ * أعتقد أنّ ولاية سطيف تتوفّر على إمكانيات وطاقات هائلة لو تمّ استغلالها استغلالا جيدا، فهي تتميّز بانخراط مجتمعها المدني وجمعياتها الثقافية في مشروع وطني، وتتميّز أيضا بكونها طموحة ومتضامنة فيما بينها، وهذا طبعا يتطلّب هياكل وإمكانيات وتأطيرا إلى غير ذلك، وربّما في هذا الجانب تعاني سطيف نوعا ما من غياب بعض الهياكل التي تساعد على تطوير الفعل الثقافي، وأخصّ بالذكر على سبيل المثال، معهدا للموسيقى ومسرحا جهويا، لأنّ الجمعيات الموسيقية لا تستطيع أن تقدّم ما هو مطلوب منها فيما يتعلّق بالتكوين، لأنّ العمل الجمعوي له طابع خاص، ولكن العمل التكويني هو الأساس، كذلك بالنسبة للمسرح، فسطيف تتميّز بكثافة جمعياتها المسرحية وكثرة أنشطتها·· غير أنّ ما يميّزها أيضا، السرعة في الإنجاز وعدم الاحترافية بالمفهوم الكامل، فمعظم مسرحييها من الهواة، وهذا لا يمنع من أنّ كوكبة منهم استطاعت بفعل ذكائها ومثابرتها واطلاعها على ما يجري هنا وهناك، أن تخطو نحو الأحسن وهي اليوم تقود الحركة المسرحية في ولاية سطيف·· لذا أرى أنّه من الضروري وجود مسرح جهوي يؤطر هذه الطاقات ويدمج الكثير منها في المفهوم الاحترافي، وهنا أريد أن أفتح قوسا، أنا أفرّق بين الاحترافية الوظيفية الإدارية والعمل الاحترافي بالمفهوم النوعي الثقافي، الفكري والفني، الذي يمكّن الفنان من التحكّم في آليات العرض وتقنياتها من سينوغرافيا وغيرها··· - تحدّثتم كثيرا عن النقص في الهياكل والإنجازات·· فماذا عن المشاريع التي استفادت منها سطيف في السنة الأخيرة وكذا المشاريع المسجّلة مستقبلا؟ * المشاريع القطاعية المسجّلة جبارة، بعضها مسجّل لصالح الولاية منذ سنوات، والبعض الآخر منذ سنة ولا نستطيع التفصيل فيها، لكنّنا نستطيع القول أنّ انطلاق هذه المشاريع عرف خلال السنة الجارية ديناميكية ستجعلها تتجسّد بعد فترة زمنية قصيرة قد لا تتعدى السنتين··· وفي هذا السياق، يمكنني أن أذكر بعض الأرقام، بحيث أنّ ولاية سطيف حظيت في إطار برنامج رئيس الجمهورية، لاسيما البرنامج المشترك بين وزارتي الداخلية والثقافة المتعلّق ب"مكتبة في كل بلدية"، بأكبر حصة مقدّرة ب 70 مكتبة بلدية، بالإضافة إلى مكتبات أخرى من مختلف الدرجات·· فالمكتبة عبارة عن فضاء واسع يلتقي فيه جيل الشباب المتطلّع إلى المستقبل، حيث من المنتظر أن تغطي العجز الكبير الذي عانت منه الجزائر خلال العشرية السوداء التي تضررت فيها الثقافة مثل غيرها من مجالات التنمية، غير أنّه منذ مجيء رئيس الجمهورية وتسطير برنامج التقويم الوطني، تمّ تكليف قطاع الثقافة بهذه المهمة الرامية إلى بناء الذات وتصحيح الوعي واستحداث فضاءات تنخرط فيها فئة الشباب بصورة إيجابية، وهذا ما يعطي القراءة العمومية التي تعدّ العمود الفقري في كلّ المجتمعات بعدها في عملية نشر الوعي والمعرفة·· هذه المكتبات التي ستكون جاهزة خلال الأشهر القليلة المقبلة، ستكون مدعومة بفرع للمكتبة الوطنية على مستوى ولاية سطيف، بالإضافة إلى المراكز الثقافية الموجودة في طور الإنجاز، كلّ هذه الفضاءات ستتضامن فيما بينها لإحداث حركية ثقافية للوعي والمعرفة والحوار، وكلّ هذا يصبّ في نظرة واحدة، ألا وهي تكوين إنسان جديد متشبّع بالقيم الوطنية والثورية والدينية، حتى تكون عملية التنمية تسير بسرعة وبوتيرة تخرجنا من الواقع المتخلف الذي نعيش فيه إلى واقع أنظف وأجمل· - هذا يجرّ سؤالا يخصّ المراكز الثقافية المسيرة حاليا من قبل قطاع الشباب والرياضة، ألا يوجد في الأفق برنامج لاسترجاع هذه الهياكل المهملة، إن صح التعبير؟ * القضية تعاني منها جميع ولايات الوطن، وهي مطروحة أمام المسؤولين وقليل جدا من يعرف خلفياتها·· فخلال اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الجمهورية بالولاة طرحت هذه النقطة من طرف والي ولاية سطيف، وكانت مسبوقة من قبل من طرف السيدة وزيرة الثقافة، حيث قدّمت وزارة الثقافة مشروعا إلى الحكومة لإلحاق 488 مركزا ثقافيا على المستوى الوطني كانت موجودة إلى غاية السنتين الأخيرتين، مع برمجة إلحاق 100 مركز كل سنة·· غير أنّه ومع الأسف الشديد لا يزال الملف ينتظر من ينفض عنه الغبار··· - نرجع إلى الحدث "الجزائر عاصمة الثقافة العربية"، هل يمكن أن نتعرف أكثر على مشاركة ولاية سطيف في هذه التظاهرة؟ * ولاية سطيف جبارة، إذ أنّها بمثابة أربع ولايات وتسييرها ثقافيا يحتاج إلى طاقات وإلى عمل كبير، لهذا عكفنا منذ مدة على تحضير هذا الموعد، فإنجاز عمل ثقافي جديد أوبيرات أو مسرحية أو كتاب لا يمكن أن يتمّ في ظرف شهر أو شهرين، فنحن اليوم مع افتتاح الأسبوع الثقافي لولاية سطيف جاهزون كل الجاهزية لتطوير أسبوع ثقافي في شموخ وقوّة وطموح سطيف والسطايفية··· - بما أننا نعيش فعاليات الأسبوع الثقافي لولاية سطيف·· ما هي أهم الملامح التي جئتم بها؟ * لقد ركّزنا على ما يميّز سطيف تاريخا وتراثا، وتعلمون جيّدا أنّ سطيف مدينة تتميّز بمواصفات خاصة، فهي متشبّعة بتراثها المادي وغير المادي، وبها حركة مسرحية وفنية متطلّعة إلى المستقبل وأجيال من الشباب المعانق للفعل الثقافي ويبحث عن الفضاءات والدعم·· لدينا كل الإمكانيات فإذا نجحنا فذلك يعود إلى جدّيتنا، وإن كان العكس - لا سمح الله - فذلك راجع إلى عدم الجدية·· ولا يوجد ما يبرر الفشل، ولعل ما قدّمناه لسكان سطيف وللسلطات بعيد عن "أسبوع في الظلمة"، فجميع الفنانين والمسؤولين ساهموا وأعطوا آراءهم، وفتحنا الأبواب أمام الجميع دون استثناء، وظلّت أبواب المديرية مفتوحة أمامهم والعدد الحاضر بالعاصمة حاليا ضخم جدّا، والاختيار أفرزه عمل شهر كامل خلال رمضان الأخير، حيث قدّم أزيد من 82 عرضا واخترنا الأحسن·· لذا، لو أعطي لنا شهر كامل فذلك غير كاف، لكنّا قمنا باختيار الزبدة وأحسن العروض التي تمثّل سطيف تراثا وتاريخا وانتماء وحضارة··· - هل من إضافة؟ * أشكر جزيل الشكر جريدة "المساء"، هذه اليومية التي أكنّ لها ولطاقمها الصحفي كل الاحترام، لما توليه من اهتمام بالغ وجدية لما يجري من أحداث بقطاع الثقافة، وأتمنى أن يواصل رجال الإعلام بولاية سطيف نشاطهم بنفس الوتيرة أو أكثر، بمعنى أن يكونوا إحدى قاطرات الفعل الثقافي بولاية سطيف