كلينتون في طرابلس للتفاوض عن حصة واشنطن في ''الكعكة الليبية'' حلت أمس وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بالعاصمة الليبية طرابلس في زيارة مفاجئة هي الأولى من نوعها لمسؤول أمريكي رفيع المستوى إلى ليبيا منذ عام 2008 عندما سعت واشنطن لإقامة علاقات جديدة مع النظام السابق بقيادة معمر القذافي.وأبقت الإدارة الأمريكية موعد الزيارة طي الكتمان بسبب الإجراءات الأمنية المشددة وإجراءات السلامة المتبعة في طرابلس قبيل زيارتها. وينتظر ان تجري كلينتون مباحثات مع كبار المسؤولين في المجلس الوطني الانتقالي الذي يرأسه مصطفى عبد الجليل ورئيس المجلس التنفيذي محمود جبريل ووزير المالية علي الترهوني. وإذا كان عنوان الزيارة الظاهري هو تأكيد الدعم للشعب الليبي وبناء علاقات مع سلطاته الجديدة فان الخفي منها يبقى سعي الولاياتالمتحدة إلى وضع موطأ قدم لها في هذا البلد يضمن لواشنطن الحصول على اكبر نسبة ممكنة من الصفقات الاستثمارية لما بعد الثورة وعدم ترك المجال فسيحا أمام المنافسة الفرنسية والايطالية وحتى البريطانية. وهو ما يؤكده إجراء كلينتون لمحادثات مع وزير المالية والنفط علي الترهوني الذي سبق ووعد الدول التي وقفت إلى جانب المجلس الانتقالي ودعمته بالمال والسلاح الظفر بأكبر حصة من ''الكعكة الليبية'' والإشارة كانت واضحة إلى الدول السالفة الذكر. وهي الحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها خاصة وان زيارة كلينتون سبقتها زيارات مماثلة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون اللذان قادا الحملة الدولية لصالح الاعتراف بالمعارضة الليبية في مواجهة نظام القذافي. ثم أن العاصمة طرابلس شهدت منذ تولي المجلس الانتقالي زمام الامور في ليبيا زيارات مكثفة لمسؤولين غربيين من جنسيات فرنسية وبريطانية وكندية وايطالية قاسمهم المشترك الحصول على اكبر عدد ممكن من الاتفاقات التجارية والاقتصادية وعقود الاستثمارية الضخمة في مجال إعادة بناء ما دمرته تسعة أشهر من حرب الأهلية وأيضا اقتحام المجال النفطي الليبي الذي تبقى رائحته تزكم أنوف الجميع . ولأن التنافس الغربي الظاهر والخفي على الكعكة الليبية لا يمكن إخفاؤه فقد حاول مسؤولون أمريكيون إعطاء معنى آخر لزيارة كلينتون حتى لا تفهم أنها زيارة مصالح وفقط بالتأكيد أن الولاياتالمتحدة تأمل في إقامة علاقات جديدة مع الشعب الليبي. وقال مسؤول أمريكي رفض الكشف عن هويته ''لا نريد فقط الحديث مع المسؤولين الليبيين حول موضوع مخططهم الانتقالي والتزامهم بالعدالة والشفافية وتطبيق القانون ولكن نريد أن نقول للشعب الليبي أننا نسعى إلى شراكة طبيعية في المستقبل تكون مبينة على العلاقات المدنية''. ثم ان الولاياتالمتحدة أعربت عن استعدادها لتزويد ليبيا بالأجهزة الطبية لمعالجة آلاف جرحى الحرب التي لم تضع أوزارها بعد في ليبيا إضافة إلى تكفلها بالمصابين الذين يعانون من جروح خطيرة في مستشفيات أمريكية. وأعلنت واشنطن أنها تريد توسيع البرامج التربوية بالنسبة لليبيين في الولاياتالمتحدة وتدريس اللغة الانجليزية في ليبيا. وبحسب المسؤولين الأمريكيين فإن واشنطن أنفقت ما قيمته 135 مليون دولار منذ بداية النزاع في ليبيا شهر فيفري الماضي خاصة في مجال المساعدة الإنسانية وأيضا فيما يتعلق بالزي العسكري لقوات المجلس الانتقالي. هذا الأخير الذي من المنتظر ان يستفيد من 30 إلى 40 مليون دولار إضافية لمساعدته على إيجاد وتحطيم آلاف الصواريخ ارض-جو التي اختفت في ليبيا. وتأتي زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية إلى العاصمة الليبية في الوقت الذي لا يزال فيه المجلس الانتقالي عاجزا عن حسم المعركة لصالحه في ظل استمرار عدد من جيوب المقاومة في ليبيا. وهو ما جعل حلف ''الناتو'' يتمسك بحجة حماية المدنيين الذين وجدوا أنفسهم بين مطرقة الطيران الحربي الأطلسي والمواجهات العنيفة بين كتاب القذافي والقوات الموالية للمجلس الانتقالي من اجل الإبقاء على تواجده العسكري في هذا البلد. وأعلن الحلف انه غير مستعد من اجل الإعلان عن إنهاء مهمته في ليبيا رغم التقدم الذي حققته قوات المجلس الانتقالي في بني وليد وسرت آخر معاقل النظام المنهار. وقالت كارمن روميرو المتحدث باسم المنظمة العسكرية ''ساعة النهاية اقتربت. ولكن لا يمكن ان يتم اتخاذ غدا قرار بإنهاء العملية العسكرية''. وأضافت ''انه من السابق لأوانه تحديد مهملة كونه لا تزال هناك تهديدات ضد السكان المدنيين''.