تحتضن دار الثقافة مولود معمري بولاية تيزي وزو ابتداء من اليوم وإلى غاية 14 نوفمبر الجاري الطبعة الثانية للعزف الكلاسيكي، التظاهرة التي دعت إليها الجمعية الثقافية ''محمد إقربوشن'' بالتنسيق مع دار الثقافة مولود معمري ومديرية الثقافة للولاية تعيد إلى الذاكرة أحد أبناء الجزائر الكبار وأحد عمالقة الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية والعالمية الرجل الذي يحمل الناي كما سماه الكثير ''محمد إقربوشن''. سطر القائمون على تنظيم هذه الطبعة للعزف الكلاسيكي، التي ستدوم ثلاثة أيام، برنامجا ثريا ومتنوعا يستهل بتنظيم معرض متواصل طيلة أيام التظاهرة بأروقة دار الثقافة وقاعة زميرلي، لعرض كتب وقصاصات صحف تتناول سيرة وأعمال الراحل محمد إقربوشن صاحب المواهب، فكان موسيقيا وشاعرا وكاتبا. ويتم خلال حفل الافتتاح تقديم حفل موسيقي من تنظيم الأوركسترا الوطنية للموسيقى الكلاسيكية بقاعة المسرح الصغير لدار الثقافة مولود معمري، متبوعا ببيع بالإهداء لكتاب ''الموسيقى الكلاسيكية والجاهز العصبي'' من طرف السيد وانو غان. ويتخلل برنامج الطبعة الثانية للعزف الكلاسيكي إلقاء جملة من المحاضرات، منها ''موسيقى الأوركسترا ومسيرة محمد إقربوشن'' و''حياة ومسيرة محمد اقربوشن''، إضافة إلى تنظيم مسابقة أحسن عازف وأفضل ثنائي، ومسابقة أفضل ثلاثي، وذلك باعتماد مجموعة من الآلات: الكمان، الناي والقيثار الكلاسيكي. وتختتم التظاهرة بتوزيع الجوائز على المشاركين في مختلف المسابقات المنظمة، متبوعا بحفل فتى من إحياء أوركسترا المعهد الوطني للموسيقى، كما يرتقب أن تنظم الجمعية الثقافية لإقربوشن زيارة إلى مسقط رأس الراحل بآث وشن أين تم -مؤخرا- تدشين نصب تذكاري يخلد اسمه. وحتى لا يعلو الغبار وجوه رجال الجزائر الأفذاذ وحتى لا يخبو نور كنوز أرضنا المعطاء؛ تعمد الجمعية الثقافية التي تحمل اسم محمد إقربوشن بالتعاون مع قطاع الثقافة للولاية إلى تنظيم نشاطات تخلد خلالها روح ذلك الفتى الراعي، الذي أثار اهتمام الإنجليز، ابن أزفون الراحل إقربوشن المولود يوم 13 نوفمبر 1907 بقرية آث وشن بتيزي وزو، انتقلت عائلته إلى العاصمة سنة 1870 وتابع دراسته الابتدائية بالقصبة، محمد إقربوشن ذلك الفتى الراعي الذي أثار اهتمام الإنجليز، وهو في عمر الزهر استضافته أهم العواصم وأشهر المؤسسات السينماتوغراية العالمية، كان يميل إلى الموسيقى منذ سن مبكرة، واكتشف من طرف الكونت روث أحد النبلاء الإنجليز في ,1919 الذي كان صاحب ورشة مجاورة لمنزل أسرة إقربوشن بالقصبة، فسافر بذلك الفنان العملاق إلى إنجلترا مع الكونت، فباشر دراساته في التلحين ببريطانيا وقرر ''روث'' دفعه نحو المجد، فقاده إلى فيينا بالنمسا، أين تعمق في التلحين مع الأستاذ ألفريد غرنفيلد، كان مولعا بالناي منذ نعومة أظافره، حيث كان يلقب بالرجل الذي يحمل الناي، وتحولت حياة هذا القروي الصغير ليصبح يلقب بالمايسترو، كما أنه يتقن عدة لغات منها الإنجليزية، الألمانية، الإيطالية، الإسبانية، الفرنسية، العربية، الأمازيغية وغيرها. في سنة 1928 قدم ثلاث (رابسوديات) بلندن، بعد أن تحصل على الجائزة الأولى للبيانو في فيينا سنة ,1926 كما أنشأ فرقة سمفونية كبيرة رابسودية جزائرية سنة 1935 حققت نجاحا كبيرا، إضافة إلى أولى سمفونياته القبائلية ''حفلة شرقية'' و''رقصة أمام الموت''، التي ألقها بين 1930 و1364 ووضع إقربوشن موسيقى فيلم ''قدور في باريس'' ل''أندري ساروي'' وكذا العديد من الأفلام منها فيلم الجزائر ''عزيزة'' الفيلم الجزائر ''سيرتا''، غطاسو الصحراء وغيرها.كما ساعد الفنان عددا من مطربي الاغية القبائلية على غرار احسن مزاني، صورية نجيب، محمد حامل، الشيخ نور الدين وفريد علي الذي كان تلميذه، فألف له 50 أغنية قبائلية أشهرها لحن أغنية ''أيما صبر أورترو''، احتضنته السجون الفرنسية سنة 1944 بسبب انتمائه إلى منظمات وطنية. بعد خروجه من السجن لحن أشعار ''ألف ليلة وليلة؛ ل''رابند راناث ثاغور'' وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية وضع موسيقى للفيلم الشعبي ''مناعة الوحدة''، ''مدرسة متنقلة''، كما قام بإنشاء القناة القبائية بإذاعة باريس وغيرها من الأعمال التي لا تزال خالدة، واستمر عطاؤه في مجال الفن والثقافة إلى غاية ,1966 حيث انطفأت شمعته في سن التاسعة والخمسين بالجزائر العاصمة، بعد معاناته من مرض السكري تاركا وراءه أزيد من 590 مؤلفة موسيقية.