يشرع نواب المجلس الشعبي الوطني صبيحة اليوم في مناقشة مشروع القانون العضوي المتعلق بالجمعيات والذي يكرس لأول مرة اللامركزية في اعتماد الجمعيات من خلال تخويله لكل من رئيس البلدية صلاحية منح الاعتماد للجمعيات البلدية، كما يخضع نص الإعانات العمومية الممنوحة لكل جمعية إلى إبرام عقد برنامج، مع تقديم حالة صرف الإعانات الممنوحة، ويمنع أية جمعية من الحصول على أموال ترد إليها من تنظيمات أجنبية. وقد أشارت لجنة الشبيبة والرياضة والنشاط الجمعوي بالمجلس الشعبي الوطني في تقريرها التمهيدي للمشروع المطروح للنقاش صبيحة اليوم في جلسة علنية إلى أن جملة التعديلات التي أدرجت على هذا النص تهدف بالأساس إلى تبسيط شروط وكيفيات تأسيس الجمعيات واعتمادها وتمكينها من الدفاع عن حقوقها ومصالحها وحمايتها من كل تدخل في شؤونه، وكذا تدقيق نظام التمويل والمساعدات والدعم المخصص لها والتخفيف من المراقبة المشددة عليها، علاوة على توضيح طبيعة الجمعيات ذات الطابع الخاص. ويعرف النص الجمعيات على أنها ''تجمع أشخاص طبيعيين أو معنويين لمدة محددة أو غير محددة لتسخير معارفهم ووسائلهم تطوعا من اجل ترقية الأنشطة وتشجيعها، لا سيما في مجال المهني والاجتماعي والعلمي والديني والتربوي والثقافي والرياضي والبيئي والخيري والإنساني، على أن يندرج موضوع نشاطاتها وأهدافها ضمن الصالح العام، وأن لا يكون مخالفا للنظام العام والآداب العامة وأحكام القوانين والتنظيمات المعمول بها''. وبخصوص شروط تأسيس الجمعيات فقد فصل مشروع القانون بين الأشخاص الطبيعيين والمعنويين من حيث الشروط الواجب توفرها لتأسيس جمعية، وصنف الجمعيات إلى جمعيات وطنية وأخرى بلدية وولائية، فيما حدد الأعضاء المؤسسين لكل جمعية وكذا الجهة المخولة لمنح الاعتماد، وأشرك لأول مرة المجلس الشعبي البلدي إلى جانب الولاية ووزارة الداخلية في منح الاعتماد، تفعيلا للامركزية والديمقراطية التشاركية. وفي سياق متصل بتسهيل عملية الاعتماد، يلزم مشروع القانون الهيئات المعنية بالفصل في طلب الاعتماد في أجل 30 يوما بالنسبة للجمعيات البلدية و40 يوما بالنسبة للجمعيات الولائية و45 يوما بالنسبة للجمعيات التي تنشط بين الولايات، فيما يحدد مدة 60 يوما بالنسبة للجمعيات الوطنية. ويمكن نفس النص الجمعيات التي رفض طلب تأسيسها من الطعن في قرار الإدارة أمام الجهات القضائية الادارية المختصة. من جانب آخر؛ وفي مجال مراقبة نشاط الجمعيات وعملها يلزم نص المشروع الجمعيات بتبليغ السلطات العمومية بكل التعديلات والتغييرات الطارئة على قوانينها الأساسية وعلى هيئاتها التنفيدية، مع تقديم نسخ من محاضر اجتماعها وتقاريرها المعنوية والمالية السنوية إلى السلطات المعنية، كما يلزمها باستعمال مواردها لتحقيق الأهداف المحددة في قوانينها الأساسية ومعاقبة كل من يستعمل هذه الموارد في أغراض شخصية. ويخضع النص الإعانات العمومية الممنوحة لكل جمعية إلى إبرام عقد برنامج، ويشترط في ذلك تقديم حالة صرف الإعانات الممنوحة للجمعية، فيما يشدد على منع أية جمعية من الحصول على أموال ترد إليها من تنظيمات أجنبية ومنظمات غير حكومية أجنبية وذلك حفاظا على السيادة الوطنية. وحسب التقرير التمهيدي؛ فإن أهم التعديلات المدرجة على نص المشروع، شملت تحديد سن البلوغ لتأسيس الجمعيات ب18 سنة فما فوق، واستبدال عبارة الهيئة المسيرة للجمعية، بالهيئة التنفيذية، فيما تم تحديد الطرف المعني بإيداع التصريح التأسيسي لدى الإدارة المعنية في شخص رئيس الجمعية أو ممثله المؤهل قانونا، وإلزام الإدارة المعنية بالتسليم الفوري لوصل إيداع التصريح التأسيسي ووصل التسجيل. وتم في إطار نفس التعديلات تحديد الأطراف المعنية بالتوقيع على طلب تسجيل الجمعية في شخص رئيسها أو ممثله المؤهل قانونا، وإجبار الجمعيات على تقديم التقارير الأدبية والمالية السنوية، ونسخ من محاضر اجتماعات الجمعيات إلى السلطة العمومية المختصة إثر انعقاد جمعية عامة عادية أو استثنائية بدلا من جمعية عامة انتخابية، وتضمين القوانين الأساسية للجمعيات، القواعد والإجراءات المتعلقة بتعديل القوانين الأساسية، وجرد أملاك الجمعية من قبل محضر قضائي في حالة نزاع قضائي. كما أقرت التعديلات بتعليق أو سحب الإعانات والمساعدات والمساهمات في حالة استعمالها لأغراض أخرى غير تلك المنصوص عليها قانونا، مع التنصيص على تعليق نشاط الجمعية أو حلها بصفة تلقائية في حالة المساس بالسيادة الوطنية أو التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، وتحديد آجال رفع دعوى تعليق نشاط الجمعية ب3 أشهر اعتبارا من تاريخ تبليغ الإعذار. وثمن أعضاء لجنة الشبيبة والرياضة والنشاط الجمعوي مواد مشروع القانون، واعتبرت جملة أحكامه كفيلة بضبط الإطار الذي يحكم النشاط الجمعوي وإرساء آليات ترقية دور الجمعيات، مع تنظيم نشاط الجمعيات الأجنبية وشروط تأسيسها، مشيرة إلى تفعيل المجتمع المدني وحسن تأطيره وهيكلته، يعتبر ضمانة أساسية للارتقاء بمفهوم المواطنة المسؤولة وتجسيد مبدإ الديمقراطية التشاركية، ولاحظت في نفس السياق بأنه وبعد 21 سنة من صدور قانون الجمعيات وكذا من الممارسة الميدانية، فإن التشريع المعمول به منذ ديسمبر 1990 حال دون تعبير الجمعيات عن جهودها وتطلعاتها، مبرزة أهمية تعديل هذا المشروع الذي يندرج في إطار تعميق الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، ومثمنة الاقتراحات المنبثقة عن المشاورات الوطنية حول الإصلاحات السياسية، والتي سمحت بعرض الصعوبات والعراقيل التي تواجه الجمعيات في تأدية دورها. للإشارة فإن الإحصائيات الأخيرة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية، كانت قد قدرت عدد الجمعيات في الجزائر بنحو 78323 جمعية، منها 962 جمعية وطنية.