وقع رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أول أمس مرسوما رئاسيا يتضمن تشكيل وتنظيم وكيفيات عمل الديوان المركزي لقمع الفساد، حيث يشكل هذا النص ''لبنة جديدة'' في إنشاء وتعزيز ادوات مكافحة مختلف أشكال المساس بالثروة الاقتصادية للأمة بما في ذلك الرشوة حسبما أكده بيان لرئاسة الجمهورية. وجاء في هذا النص الذي تم توقيعه عشية إحياء الجزائر لليوم الدولي لمكافحة الفساد أن هذا المسعى ''قد تلقى دفعا بفضل التعليمة الرئاسية المؤرخة في 13 ديسمبر 2009 والتي تم بمقتضاها تكليف الحكومة بوضع مجموعة من الإجراءات في هذا المجال''. كما أشار بيان رئاسة الجمهورية إلى أن هذا المسار قد أفضى من قبل إلى تعزيز أحكام القانون حول النقد والقرض والقانون المتعلق بقمع مخالفة القوانين والتشريعات الخاصة بالصرف وحركة رؤوس الأموال نحو الخارج والقانون الخاص بمجلس المحاسبة وذلك المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته. وتابع البيان أنه في إطار المراجعة التي تمت في 26 أوت 2010 للقانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، دخلت هيئة الوقاية من الفساد حيز التطبيق والتي أوكل لها التقييم الدوري لجهاز الوقاية الموجود والمساهمة في تحسينه والعمل على تحسيس المواطنين بخصوص مكافحة الفساد. أما الديوان المركزي لقمع الفساد فقد كلف بإجراء تحريات وتحقيقات في مجال الجرائم المتعلقة بالفساد تحت اشراف النيابة العامة. وسيتم تزويده -حسب المصدر- بضباط الشرطة القضائية ويشمل نطاق صلاحياتهم جميع التراب الوطني في مجال الجرائم المرتبطة باختصاصهم، مضيفا أن هذه الجرائم تتعلق بصلاحيات الجهات القضائية ''ذات الاختصاص الموسع'' طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية. كما تمت الإشارة إلى أن هذا الديوان ''سيتكفل أيضا بتعزيز التنسيق بين مختلف مصالح الشرطة القضائية في مجال مكافحة الفساد'' وهو ملحق إداريا بوزارة المالية كما هو الشأن بالنسبة لخلية معالجة المعلومة المالية والمفتشية العامة للمالية. وعلاوة على التوقيع على المرسوم الرئاسي المتعلق بالديوان المركزي لقمع الفساد، فقد اغتنم رئيس الجمهورية هذه المناسبة لإعطاء تعليماته للحكومة حتى تعمل ''في أقرب الآجال على إنجاح'' برنامج التعاون بين الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته والهيئات الخاصة التابعة للاتحاد الاوروبي. وخلص بيان رئاسة الجمهورية في الأخير إلى أن مبدأ هذا التعاون قد تم الاتفاق حوله مع الشريك الأوروبي ''بهدف جعل هيئتنا الوطنية تستفيذ من تجارب الهيئات الأوروبية المماثلة''. وعليه سيضفي التنسيق بين مصالح الشرطة القضائية في مجال مكافحة الفساد المزيد من الفعالية على محاربة الفساد، إلى جانب تسهيل التعاون الدولي بواسطة الشرطة الدولية ''انتربول'' في مجال محاربة هذه الآفة مستقبلا. كما سيتم في هذا الإطار إلزام كل شخصية مادية أو معنوية جزائرية كانت أم أجنبية مشاركة في مناقصات الصفقات العمومية قانونا بتوقيع تصريح بالنزاهة تمتنع بموجبه عن ارتكاب أو قبول أي فعل من أفعال الفساد وتدلي بأنها تقع تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها قانونا في حال مخالفة هذا التصريح. من جهة أخرى، ستسهم التعليمات التي وجهها الرئيس بوتفليقة للحكومة لضمان التنسيق والفعالية في الجهود على إنجاح برنامج التعاون بين الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد والذي ينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني، وهي الرؤية التي لطالما أكد عليها رئيس الجمهورية في عدة مناسبات، حيث أبرز حرص الدولة على وضع الميكانيزمات الضرورية لحماية الاقتصاد الوطني، آخرها في الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات. وشدد رئيس الجمهورية على مواصلة الدولة لجهودها في محاربة كل أشكال الفساد في إطار القانون المستمد من وحي المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة والتي كانت الجزائر من أولى الدول المصادقة عليها، موضحا أيضا بأن ''محاربة الفساد التي هي من صميم عمل الدولة تبدأ بدعم هيئات الرقابة على مختلف المستويات وفي مختلف الميادين''. وجدد رئيس الدولة عزم وحرص الدولة على التصدي لظاهرة الرشوة حتى يتم استئصال جذورها بصورة نهائية من المجتمع الجزائري وهو إصرار يتجلى من خلال تطبيق مختلف القوانين المصادق عليها ميدانيا لمواجهة هذه الآفة وكذا توسيع مهام وصلاحيات الهياكل الأخرى المعنية بمحاربة هذه الآفة. ومن جهته، أكد وزير العدل حافظ الاختام السيد الطيب بلعيز في وقت سابق أن الفساد الذي لا ينبغي ''التقليل من مخاطره'' أضحى ''جريمة خطيرة يتعين على الجميع من العدالة والمجتمع محاربتها بكل الوسائل'' وأن ''كل شخص بريء حتى تثبت إدانته وحتى يصبح الحكم ضده نهائيا''، مبرزا في هذا السياق أهمية التنسيق والتكامل بين مختلف الهيئات المكلفة بمكافحة هذه الآفة. وأشار وزير العدل إلى أن السلطات العليا في البلاد عازمة على استجماع كل المعدات والآليات ل''وضع حد لاستفحال ظاهرة الفساد''، ملحا في هذا الصدد على ضرورة تجنيد جميع أطياف المجتمع للتحسيس بمخاطر هذه الظاهرة.