ينتظر أن ينتخب نواب المجلس التأسيسي التونسي اليوم منصف المرزوقي المعارض المعروف لنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي رئيسا للبلاد ضمن أول إجراء عملي لإعادة بناء مؤسسات الدولة التونسية بعد ثورة الياسمين في جانفي الماضي. ويقوم المرزوقي بدوره مباشرة بعد إعلان انتخابه بتعيين حمادي جبالي الرقم الثاني في حركة النهضة الإسلامية وزيرا أول وتكليفه بتشكيل الحكومة التونسية الانتقالية وعرض طاقمها على نواب المجلس التأسيسي للحصول على موافقتهم المبدئية. وتأتي هذه الخطوات لتجديد هيئات الدولة التونسية بعد أن صادق نواب المجلس التأسيسي على مواد الدستور المؤقت الست والعشرين في ساعة متأخرة من ليلة السبت إلى الأحد. وصادق نواب المجلس التاسيسي على هذه المواد واحدة بواحدة بعد مناقشات ساخنة شهدها مقر البرلمان طيلة خمسة أيام كاملة أيدها في النهاية 141 نائبا وعارضها ,37 بينما امتنع 39 من بينهم عن التصويت. وشكلت عملية التصويت حدثا تاريخيا في تونس كونه يسجل اول خطوة في بناء مؤسسات الجمهورية التونسية الثانية بعد حكم أحادي سواء في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة أو في عهد خليفته المطاح به زين العابدين بن علي. ووصف مصطفى بن جعفر الذي اختير ليكون رئيسا للمجلس التأسيسي جلسة أمس ب''التاريخية '' وقال انه شرف له قيادة هذه الهيئة التشريعية التي''تضم خيرة أبناء تونس بفضل الثورة التونسية وشعبها''. ويكون نواب المجلس التأسيسي بفضل نتيجة التصويت التي جاءت قرابة شهر ونصف منذ اول انتخابات نيابية يوم 23 أكتوبر الماضي قد اوجدوا الأطر القانونية للبدء في ممارسة السلطة الفعلية بعد فراغ دستوري خلفه انهيار النظام السابق كونه ضبط الآليات القانونية لتسيير الشأن الداخلي التونسي إلى غاية تنظيم الانتخابات العامة المقرر تنظيمها بعد عام من الآن وصياغة مشروع دستور نهائي للبلاد. ومن بين المواد التي تضمنتها هذه الوثيقة ان الترشح لمنصب رئيس الجمهورية يتطلب شروطا منها أن يكون المرشح لهذا المنصب تونسيا مسلما غير حامل لجنسية أخرى ومولودا لأبوين تونسيين ومتمتعا بجميع حقوقه المدنية والسياسية. وأثارت هذه المادة جدلا حادا ونقاشا ساخنا بين مختلف النواب الذين رافع بعضهم من اجل فتح الباب حتى أمام مزدوجي الجنسية لشغل هذا المنصب والسماح لمن أراد أن يترشح دون الحاجة إلى توقيعات أي من النواب. كما أثارت صلاحيات الرئيس جدلا ساخنا من طرف نواب المعارضة الذين قاطعوا جلسة التصويت بمبرر أن الرئيس الجديد جرد من صلاحياته لصالح سلطة الوزير الأول الذي احتفظ بكثير من الصلاحيات التنفيذية. واتهم نواب المعارضة ائتلاف الأغلبية بقيادة حركة النهضة الإسلامية بمنح مرشحها لرئاسة الحكومة جل الصلاحيات على حساب صلاحيات رئيس الجمهورية الذي يكاد منصبه يبقى ''منصبا شرفيا''. وإذا كان الرئيس يحدد الخطوط العامة للسياسة الخارجية للبلاد فقد احتفظ أيضا بصفة القائد الأعلى للقوات المسلحة ولكنه لا يعين ولا يقيل أي ضابط سام إلا بالتشاور مع رئيس الحكومة.