توصلت الأحزاب الفائزة في انتخابات المجلس التأسيسي التونسي إلى اتفاق مبدئي بشأن الشخصيات التي تتولى المناصب القيادية لتسيير المرحلة الانتقالية والتحضير لتنظيم الانتخابات العامة المقررة في غضون عام لإقامة نظام حكم ديمقراطي. وتم الاتفاق على تولي منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية منصب رئيس الجمهورية بعد أن حل حزبه ثانيا في الانتخابات الأخيرة بعد حصوله على 29 مقعدا في المجلس التأسيسي. بينما أوكلت مهمة تولي رئاسة المجلس التأسيسي لمصطفى بن جعفر زعيم حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، بينما سيتولى حمادي الجبالي الرقم الثاني في حركة النهضة الفائزة في انتخابات المجلس التأسيسي قيادة الحكومة الانتقالية. وتوصلت الأحزاب الثلاثة إلى هذا الاتفاق في ختام مفاوضات كانت شرعت فيها منذ إعلان نتائج انتخابات المجلس التأسيسي التي جرت في 23 من شهر أكتوبر الماضي وتعثرت لعدة ايام بسبب خلاف حول من يتولى منصب رئاسة الجمهورية الذي طالب به كل من المرزوقي وبن جعفر. وبتولي هذه الشخصيات المناصب القيادية العليا في البلاد، تكون معالم المرحلة الانتقالية في تونس قد اتضحت بشكل كبير والتي تبقى حركة النهضة المسيطرة رقم واحد على دواليب الحكم طيلة المرحلة الانتقالية التي من المقرر أن تنتهي في غضون عام من الآن. ويأتي التوافق على هذه الشخصيات بعد أن اقترن اسمها بمعارضتها الشديدة للنظام السابق، حيث عرف منصف المرزوقي المختص في الطب والبالغ من العمر 66 عاما المنفى القسري طيلة عشر سنوات في فرنسا قبل أن يعود إلى تونس بعد ثورة الياسمين. ورغم أن المرزوقي معروف عنه نضاله في مجال حقوق الإنسان، إلا أنه تعرض في الفترة الأخيرة إلى انتقادات بسبب علاقته بالإسلاميين خاصة وأنه سعى إلى طمأنة الشارع التونسي من المخاوف التي أطلقتها بعض الجهات في تحول تونس إلى دولة إسلامية. وقال إن ''النهضة ليست الشيطان ...لا يجب التعامل معها وكأنها طالبان تونس فهي جزء من التيار الإسلامي المعتدل'' وأكد إن الإسلامي التونسي لا يعني بالضرورة أنه إرهابي. أما الجبالي الذي ينظر إليه على انه القائد المستقبلي لحزب النهضة، فقد أمضى هو الآخر أكثر من 15 عاما في السجن في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وقد رشحه حزبه لمنصب رئيس الحكومة مباشرة بعد إعلان نتائج اقتراع 23 أكتوبر. غير أن تصريحاته الأخيرة حول الخلافة السادسة أثارت جدلا حادا على الساحة السياسية التونسية بعدما فهمت بأن حزب النهضة يسعى إلى إقامة دولة إسلامية في تونس، بينما اعتبره البعض على أنه يهدد الحريات والمكتسبات التي حققها التونسيون وخاصة المرأة التونسية طيلة العقود الماضية. أما مصطفى بن جعفر البالغ 71 عاما المعارض السابق لنظام بن علي فقد عرف عنه اعتدال مواقفه وصرامته وقد أسس التكتل من أجل العمل والحريات الذي يمثل يسار وسط والعضو في الاشتراكية الاممية والقريب من الحزب الاشتراكي الفرنسي. للإشارة فإن المجلس التأسيسي سيقوم في أول جلساته التي قد تمتد لأكثر من يوم باختيار رئيسه ونائبيه والاتفاق على نظامه الداخلي ونظام مؤقت للإدارة العامة للدولة التونسية. كما يعين رئيسا مؤقتا جديدا خلفا لفؤاد المبزع الذي كان أعلن أنه سينسحب من العمل السياسي حال تسليم الرئاسة وبعدها يكلف الرئيس المؤقت الجديد من تتفق عليه الغالبية في المجلس تشكيل حكومة جديدة للمرحلة الانتقالية الثانية منذ الإطاحة بنظام بن علي. وتتمثل مهمة المجلس التأسيسي الأساسية في وضع دستور ''الجمهورية الثانية'' في تاريخ تونس المستقلة ولكن أيضا تحديد والإشراف على السلطة التنفيذية الانتقالية الجديدة وتولي التشريع إلى غاية تنظيم انتخابات بموجب مواد الدستور الجديد.