''سمية'' بنت بهية الطلعة، عمرها عشر سنوات وتدرس في الخامسة اِبتدائي. جاءت من ولاية جيجل إلى العاصمة وبالضبط للمجمع البيداغوجي في مستشفى بن عكنون، لتروي قصتها المأساوية مع الكهرباء. وبكل شجاعة وإرادة وقفت أمام الأطفال وهي فاقدة ليد ومشلولة اليد الأخرى، لتقول أنها تهوى الرسم وأشياء أخرى كثيرة، وأنها لاتشعر بأنها مختلفة عن الآخرين، رغم ذلك تأمل أمها في أن يتم التكفل بها في الخارج من أجل الحصول على أعضاء اصطناعية ذات نوعية تمكنها من حمل الريشة. وتعترف السيدة سامية والي رئيسة مصلحة الترفيه التربوي بمستشفى بن عكنون، أن سمية التي قضت أياما بهذا الأخير بعد حادثة تكهربها وهي في سطح المنزل تلعب مع الحمام، كانت السبب المباشر للتفكير في تخصيص يوم توعوي لصالح الأطفال وأوليائهم حول مخاطر الكهرباء خصوصا، وكذا مخاطر الغاز. لكن سمية ليست الحالة الوحيدة -تضيف سامية- ''فمستشفى بن عكنون يستقبل الكثير من الحالات المماثلة أي حالات الإعاقة المكتسبة بسبب التكهرب. وبعد أن نظمنا حملات تحسيسية خاصة بالسلامة المرورية، فكرنا في التعرض لمخاطر الكهرباء لاسيما بعد أن عايشنا حالة سمية، فهي فرصة لنا من أجل عرض نموذج لبنت قوية الإرادة وشجاعة، وكذا لإيصال رسالة من أجل التكفل بها وتعويض خسارتها بأعضاء اصطناعية... إذا رسالتنا اليوم تحسيسية وتضامنية في نفس الوقت''. ولتعريف الأطفال بمخاطر الكهرباء والغاز، حضر ممثلون عن شركة توزيع الكهرباء والغاز للعاصمة، حيث قدمت السيدة أمال عليوة مكلفة بالإعلام في شركة توزيع الكهرباء والغاز ببلوزداد، عرضا مبسطا وحيويا وتفاعليا مع الأطفال ضم فوائد الكهرباء والغاز وطريقة الحصول عليهما وأهميتهما في حياتنا اليومية، وكذا مخاطرهما وأهم السلوكات الواجب تجنبها؛ كعدم اللعب بأنابيب الغاز أوأسلاك الكهرباء، والسلوكات الصحيحة في حال التسربات...الخ وحسب السيدة حسينة سدات مساعدة الرئيس المدير العام المكلفة بالاتصال في شركة توزيع الكهرباء والغاز للجزائر، فإن هذه المشاركة تأتي في سياق الحملات التحسيسية التي تقوم بها الشركة كل عام مع حلول فصلي الخريف والشتاء، وذلك لتوعية المواطنين بخطورة الغاز خصوصا، حيث أشارت إلى تسجيل 70 حادث اختناق بالغاز و30 حالة وفاة في ولايات الجزائر وتيبازة وبومرداس في الخمس سنوات الماضية. من جهته، كشف مدير الأمن بالشركة السيد خفيف أن سنة 2011 شهدت تسجيل7 حوادث تكهرب أغلبها ناتج عن البناء في أماكن بها أسلاك عالية الضغط، مشيرا إلى وجود حالتي وفاة في ذات العام. وقال ذات المصدر، إنه تم تسجيل انخفاض في حالات التكهرب بحوالي 50 بالمائة، إلا أنه أوضح أنها كلها تشمل الحالات المسجلة في شبكات الشركة أي خارج المنازل، فيما لاتحصى أغلب الحوادث داخل البيوت لاسيما تلك التي تؤدي فقط إلى الإصابة بجروح. وأرجع المتحدث هذا الانخفاض إلى الحملات التحسيسية التي تقوم بها سونلغاز منذ سنوات للتنبيه بأضرار الإستعمال السيئ للكهرباء. لذا، فإن استغلال هذه المبادرة التي تزامنت والعطلة المدرسية، تعد فرصة سانحة لتوعية الأطفال وأوليائهم عبر العرض الذي تضمن شبه مسابقة للأطفال لمعرفة مدى استيعابهم للمعلومات المقدمة، وكذا عبر المطويات والكتيبات الصغيرة التي تم توزيعها بالمناسبة. وجاء عرض ضابط الحماية المدنية مكملا للمعلومات المقدمة من ممثلة سونلغاز، حيث استعرض في البداية بعض السلوكات الواجب الابتعاد عنها والتي تؤدي في كثير من الأحيان إلى حوادث، كما تؤكده المعاينة الميدانية خلال تدخلات هذا السلك. ومن بين مانبه إليه، هوعدم إطفاء الضوء إذا كان مشتعلا في حال وجود تسرب غاز، وكذا عدم ارتداء حذاء في نفس الحالة، لأن وجود مسامير به قد يؤدي إلى حدوث شرارة كهربائية، كما شدد على خطر غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يعد السبب الأول في حالات الاختناق بالجزائر. وفي السياق، أشار إلى أنه لاتوجد أي مدفأة لاينبعث منها ثاني أكسيد الكربون، ردا على من يقولون بوجود مدافئ حديثة لاتطلق هذا الغاز، لذا دعا إلى ضرورة الحذر الدائم. وبالنسبة للكهرباء، حذر من عمليات السرقة والربط الفوضوي الذي يتسبب في الكثير من الحوادث. كما قدم بعض الإسعافات الأولية البسيطة الموجهة للأمهات في حال تعرض أي فرد من العائلة، لاسيما الأطفال، لحادث ودعاهم إلى الاقتراب من ثكنات الحماية المدنية للاستفادة من دورات تكوينية حول الإسعافات الأولية. من جانبها، قدمت الدكتورة حليس من مصلحة الطب الفيزيائي وإعادة التأهيل، شروحات حول الأضرار الناجمة عن مرور التيار الكهربائي في جسم الانسان، لاسيما الحروق الكهربائية التي تعد أكثر أنواع الصدمات الكهربائية انتشارا، والندبات الكهربائية وتمعدن الجلد نتيجة احتراقه، وكذا تأثيرات الصدمات الكهربائية على القلب، وعلى الجهاز التنفسي، وتسببها في فقدان الوعي والكسور والالتهابات وحتى الإعاقة الدائمة الناتجة عن بتر بعض الأعضاء المصابة بالتكهرب. ولأن الأعضاء الاصطناعية لاتعوض الطبيعية، فإنها لم تنس التذكير بالآثار النفسية التي سيعاني منها الشخص المتكهرب. واختتم اليوم التحسيسي الذي نظمته مصلحة الترفيه التربوي لمستشفى بن عكنون بعرض للمهرّج زينو الذي قدم رسائل تربوية في ثوب ترفيهي للأطفال وأوليائهم.