قدم الدكتور عبد الوهاب بن قونية أخصائي علم الأوبئة والطب الوقائي أمس عرضا حول الحالة الوبائية بالجزائر والأشواط الكبيرة التي قطعتها السياسة الصحية في التصدي لعديد الأمراض والأوبئة منذ الاستقلال إلى اليوم، وركز في مداخلته المطولة حول أهمية إنشاء معهد وطني لليقظة الصحية من أجل الكشف السريع لأي خطر على صحة الفرد. قال ضيف منتدى المجاهد إن الجزائر قد عرفت في العشريات الثلاث الأخيرة تحولا وبائيا ملحوظا في ظل عودة عدة أوبئة مثل السل، والخنّاق او الدفيتريا والملاريا وداء الكلب، إلى جانب ارتفاع نسبة الأمراض غير المتنقلة وبالخصوص منها أمراض القلب وارتفاع الضغط وداء السكري والسرطان وأمراض التنفس المزمنة، لذلك فإن الوضع الصحي في الجزائر ما يزال هشا. بالمقابل تظهر الوقاية الحلقة الأضعف في السياسة الصحية الجزائرية، يشير الدكتور بن قونية عبد الوهاب، موضحا أن الطرف الوحيد الذي يولي أهمية قصوى للوقاية هو الإعلام الوطني بمختلف قنواته. ونبه الأخصائي السلطات المعنية إلى أهمية إنشاء معهد وطني لليقظة الصحية يكون هدفه الرئيسي وقاية المجتمع من أي خطر لمرض محتمل، خاصة وأن الوضع الصحي ينبىء باحتمال تزايد العدوى بالالتهابات الكبدية والايدز وانتشار واسع للسكري والعجز الكلوي وغيرها من الأمراض التي تكلف خزينة الدولة مليارات الدينارات. كذلك نبه المتحدث إلى ضرورة إعادة النظر المعمق والجدي في السياسة الصحية الحالية، التي لا بد أن ترتكز على الطب الوقائي أكثر من الطب العلاجي وكذا على التوزيع العادل للمراكز الصحية والمستشفيات، إذ تشير الأرقام المقدمة من طرف المختص إلى وجود نوع من اللاتوازن بين مناطق الوطن. وكشف أن الهياكل الصحية المتوفرة حاليا تعكس فرقا واضحا بين جهات الوطن، بحيث تتمركز أهم الأقطاب الصحية في الشمال في وقت ما تزال مناطق الجنوب تعاني من نقص كبير في الخدمات الصحية والمختصين. وبالأرقام فإن القطاع الصحي العمومي يحصي 13 مستشفى جامعيا تشير الملاحظات إلى معاناتها من الاكتظاظ الكبير لدرجة عدم الوصول إلى تقديم تكوين نوعي وذي مستوى، إلى جانب31 مؤسسة استشفائية متخصصة، 273 مؤسسة استشفائية عمومية، 1400 عيادة متعددة الخدمات، ترتكز أكثرها في المناطق الشمالية والوسطى للوطن.