بادرت وزارة الصحة في السنوات القليلة الماضية بإعداد خارطة صحية جديدة تساعد على ترشيد التغطية الصحية من حيث الوقاية والعلاج، إلى جانب إنشاء أقطاب صحية جديدة ضمن مخطط بعيد المدى للنهوض بالقطاع الصحي في آفاق 2025. يلاحظ خبراء الصحة في الجزائر أن الوضع الصحي ما يزال هشا في ظل عودة عدة أوبئة مثل السل، الى جانب ارتفاع نسبة الأمراض غير المتنقلة وبالخصوص منها أمراض القلب وارتفاع الضغط وداء السكري والسرطان وأمراض التنفس المزمنة. تحول ديمغرافي يفرض تغييرا هيكليا تتوقع بعض الدراسات، أن يبلغ عدد السكان في الجزائر حدود 44,8 مليون نسمة سنة 2025 وهو العدد المقدّر حاليا ب34 مليونا. كما تشير الدراسات ذاتها إلى وصول معدل الولادات إلى 16,9 في الألف، ومعدل الوفيات العامة إلى 4,5 في الألف ومعدل النمو الديمغرافي إلى 1,24 ومعدل الحياة إلى 75 سنة، وهي التحولات الديمغرافية التي ستكون لها تأثيرات هامة على التركيبة السكانية وعلى الاقتصاد والمجتمع ككل، الشيء الذي يحتم على السلطات الصحية إعادة التفكير في تجديد المنظومة الصحية وجعل الصحة جوارية بصفة اشمل أي تقريب الصحة من المواطن، دون إغفال هدف الارتقاء بمستوى العلاج الذي يشتكي منه المواطنون. ومن اجل بلوغ هذه الأهداف فإن وزارة الصحة أعدت برنامجا شاملا يقضي بإنجاز 88 مستشفى عامّا، و94 مستشفى متخصّصا وأربعة معاهد محلية مختصة، فضلا عن 311 عيادة متعددة التخصصات و221 هيكل صحي آخر، وتنوي الحكومة التكفل بالتحول الوبائي من خلال 26 برنامج وقاية و8 برامج علاج و4 برامج دعم بتكلفة إجمالية قدرها 92 مليار دينار. وسيتيح هذا البرنامج الضخم حسب البروفسور "مراد بغريش" في عرض له حول "نظرة على هيكلة النظام الصحي" خلال ملتقى حول الصحة بالجزائر، إحداث نوع من التوازن بين مناطق الوطن. وكشف ان الهياكل الصحية المتوفرة حاليا تعكس فرقا واضحا بين جهات الوطن بحيث تتمركز أهم الأقطاب الصحية في الشمال في وقت يعاني فيه الجنوب من نقص كبير في الخدمات الصحية والمختصين. ومن أهم ما يميز النظام الصحي الجزائري، هو هيمنة القطاع العمومي، قطاع صحي خاص في اتساع مستمر، وقطاع شبه عمومي ضعيف الأداء. أرقام ضخمة مقابل ضعف الأداء! وبالأرقام فإن القطاع الصحي العمومي يحصي 13 مستشفى، 31 مؤسسة استشفائية متخصصة في انتظار ان يرتفع الرقم الى 50 مؤسسة مع نهاية أشغال الانجاز الجارية، 273 مؤسسة استشفائية عمومية، 1400 عيادة متعددة الخدمات، 400 مركز صحي، 5000 مركز منتدب للعلاج القاعدي و1150 وحدة للصحة المدرسية موزعة بحسب التجمعات المدرسية. ويصل عدد الأسرة بهذا القطاع العمومية الإستراتيجي الى 60 ألف سرير، بينما يصل عدد الموارد البشرية الى 192.500 عامل موزعين بين الأطباء (32الف) وشبه الطبي (90.500) وعمال الإدارة عامة (70الف). اما القطاع الخاص فإنه يحصي آلاف المكاتب الطبية والصيدليات وأكثر من 250 عيادة متعددة الخدمات وأخرى متخصصة بقدرة استيعاب تصل الى 4 آلاف سرير موزعة على 32 ولاية في وقت يوظف ذات القطاع حوالي 25 ألف ممارس. ويسعى المخطط الصحي عموما إلى تطوير تسيير المستشفيات، وتنظيم التمويل وتحسين نوعية الخدمات والتكفل براحة المريض وبأمنه، إضافة إلى إزالة الفوارق الصحية على مستوى الولايات ال48، من خلال استكمال إقامة نظام للمتابعة الصحية او ما يعرف بمراكز الرعاية الاجتماعية بالتنسيق مع وزارة الضمان الاجتماعي. كما تراهن السلطات على إيصال الأدوية الجنيسة إلى مستوى 80 من الاستهلاك الإجمالي والنهوض بعمليات زرع الأعضاء وجراحة القلب الخاصة بالأطفال وتدعيم صحة الأم والطفل.