مازالت الأزمة السورية تستقطب الاهتمام الدولي في وقت شكلت فيه المبادرة العربية منعرجا جديدا في مسار تسويتها مما حتم على روسيا التحرك والتأكيد على إمكانية بعث التفاوض حول الملف السوري في مجلس الأمن الدولي. ووجدت السلطات السورية نفسها بين فكي كماشة ما انفكت تشتد من حولها ووضعتها أمام خيارين لا ثالث لهما وهو إما قبول المبادرة العربية الجديدة التي اشترطت رحيل الرئيس بشار الأسد أو تدويل أزمتها عن طريق إحالة ملفها على مجلس الأمن الدولي. وفي هذه الظروف وافقت دمشق أمس على طلب الجامعة العربية بتمديد مهمة المراقبين العرب فوق أراضيها شهرا إضافيا ولكنها رفضت رفضا قاطعا تدويل ملفها. وبرر وزير الخارجية السوري وليد المعلم موقف بلاده بكون ''التوجه إلى مجلس الأمن الغاية منه تدويل الأزمة وليس من اجل التصديق على بنود المبادرة العربية''. وقال إن ''تقرير بعثة المراقبين لم يرض بعض العرب... ما توقعناه حصل أنهم التفوا على التقرير وقدموا مشروع قرار سياسي يعرفون سلفا أننا لن نقبل به لأنه قرار فاضح يمس بسيادة سوريا وتدخل سافر في شؤونها''. ولاستكمال مهمة بعثة فريق المراقبين العرب إلى سوريا عاد رئيس البعثة الجنرال السوداني محمد مصطفى الدابي إلى دمشق لبحث آليات إعادة نشر الملاحظين العرب في المناطق السورية في غياب ملاحظي دول خليج هذه المرة. وكانت الجامعة العربية قدمت مبادرة عربية جديدة تضمنت تشكيل حكومة وحدة وطنية سورية خلال شهرين وتفويض الرئيس بشار الأسد نائبه الأول صلاحيات كاملة للقيام بالتعاون التام مع حكومة الوفاق الوطني لتمكينها من أداء واجباتها في المرحلة الانتقالية إلا ان سوريا رفضت هذه المبادرة واعتبرتها ''تعديا على سيادتها''. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان بلاده متفتحة على مسألة إدراج تعديلات على مشروع اللائحة التي كانت أعدتها مسبقا والتي تدين أعمال العنف في سوريا من كلا الطرفين السلطة والمعارضة. كما أكد ان بلاده متفتحة على أية اقتراحات بناءة لاحتواء الازمة السورية لكنها تبقى ضد أي استخدام للقوة وضد أي قرارات أممية لفرض عقوبات أحادية الجانب على دمشق. وقال لافروف انه ''لا يمكن لنا دعم مقترح يقود إلى فرض عقوبات من جانب واحد من دون أية استشارة مع روسيا والصين ودول ''بريكس'' التي تضم البرازيل والهند وجنوب إفريقيا. كما جدد موقف موسكو الداعي لإجراء حوار بين الفرقاء السوريين في المكان الذي يريدونه. وقال ''إذا كانت المعارضة لا تريد الذهاب إلى دمشق فإنه يمكنها الذهاب إلى القاهرة أو تركيا أو الفيدرالية الروسية''. ويأتي الموقف الروسي غداة فرض الاتحاد الأوروبي لعقوبات جديدة على دمشق تستهدف خمسة بنوك سورية وثلاث مؤسسات نفطية و22 شخصية معظمهم من مسؤولي مختلف أجهزة الأمن السورية.