تحولت حقوق الإنسان في كثير من الأحيان إلى شعار يرفعه البعض ممن يريدون الضغط على الدول ومحاولة المساس بسيادتها وحتى استقلالها· ولا يخفى على أحد أننا في العالم العربي والإسلامي بالرغم مما نتوفر عليه من طاقات بشرية وثروات مادية، أصبحنا هدفا سهلا أمام منظمات حقوق الإنسان الغربية الحكومية منها وغير الحكومية، لأننا للأسف لم نعد قادرين على إبعاد التُهم والشبهات عن أنفسنا، حتى في الحالات التي نكون فيها متهمين دون وجه حق· والإجتماع الأخير للجنة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان بجنيف يؤكد هذا الطرح، فالتوصيات التي صدرت بشأن الجزائر مثلا كان أغلبها مشيدا بالخطوات التي قطعتها بلادنا في مجال ترقية حقوق الإنسان، لكن بعض التوصيات أعابت على الجزائر، ليس انتهاكها لهذه الحقوق، وإنما لكون دستور البلاد ينص صراحة على أن الإسلام دين الدولة، ولأن الشعب الجزائري زكى قانون ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، ولأن الجزائر أصدرت أمرية رئاسية تنظم بموجبها الشعائر الدينية· كل هذا لم يُعجب رافعي راية حقوق الإنسان، والجزائر رفضت من جهتها ذلك لأنها رأت فيه مساسا بسيادتها وتدخلا سافرا في تشريعاتها الوطنية· ويتضح من كل ذلك أن المدافعين عن حقوق الإنسان لا يهمهم في الحقيقة وضعية الأفراد وظروفهم وحقوقهم، بقدر ما أصبحوا يسعون لتحقيق مصالح يفرضها منطق القوي، دون مراعاة سيادة الدول ولا استقلالها، ليتحول عندهم الدفاع عن حقوق الإنسان إلى تدخل سافر في شؤون الغير!