لازالت الظروف التي رافقت عرض تقرير الجزائر أمام مجلس حقوق الإنسان الأممي، الأسبوع الماضي، تثير كثيرا من النقاش وسط الحقوقيين، ولم يتردد عدد منهم عن اتهام بعض النشطاء الآخرين على رأسهم علي يحيى عبد النور ورئيسة اللجنة الوطنية للمفقودين نصيرة ديتور "بتضليل المنظمات الحقوقية الدولية للطعن في سجل الجزائر في حقوق الإنسان". واحتضن فوروم يومية "المجاهد"، أمس، ندوة نشطها بعض القانونيين منهم محمد شرفي، مروان عزي والسيدة عسول الأمينة العامة لشبكة الحقوقيات العربيات، للحديث عن حدود الدفاع عن حقوق الانسان وإشكالية التدخل في شؤون الدول، وقال عزي إنه من الخطإ "تجريم المنظمات غير الحكومية، وتحميلها المسؤولية وحدها"، فالجزائر اختارت التفتح ووقعت على مواثيق دولية تسمح بموجبها بفتح أبوابها لهذه المنظمات للاطلاع عن قرب على وضعية حقوق الإنسان، وأعطى مثالا بآخر تقرير للصليب الأحمر الدولي الذي "ثمن مجهودات الحكومة المبذولة لأنسنة السجون" غير أن "المشكلة هي أن أطرافا جزائرية هي التي تشكل حاليا مصدر كثير من التقارير المشوهة لهذه المنظمات" يضيف عزي. وقال من جهته المحامي محمد شرفي أن "البعض يخرق ميثاق الأممالمتحدة الذي يمنع التدخل في شؤون الدول، بدعوى الدفاع عن حقوق الإنسان"، وتركز النقاش حول الانتقادات التي واجهها التقرير الجزائري عند مثول الجزائر أمام الإجراء الجديد في مجلس حقوق الإنسان الأممي "التحقيق العالمي الدوري" في جنيف، حيث دافعت عن خيار الوئام المدني والمصالحة الوطنية الذي تمت المصادقة عليه في 1999 و2005 وعن مقاربتها التي تعتمد على الترابط ما بين حقوق الإنسان والمقتضيات الأمنية لمحاربة الإرهاب، وجاء فيه حول خيار المصالحة أنه "لا يضحي بالذاكرة ولا يريد التهرب من العقاب. انه طريق الحكمة الذي قرر المجتمع المعذب سلوكه للدفع نحو التسامح". في رد على اتهامات رفعتها منظمات حقوق الإنسان الدولية حول "غياب محاكمة ومعاقبة المتسببين في الجرائم المرتكبة سنوات الأزمة"، ولقي الطرح الجزائري تأييدا من عدة دول عربية وإسلامية بشكل أبرز وجود نوع من التنسيق في إدارة النقاش خلال عرض التقرير الجزائري، وأثار ذلك غضب المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، حيث احتج الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان على ما أسماه "محاولة الدول العربية والإسلامية احتكار و قت التدخل أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تفاديا لطرح الأسئلة التي تثير استياءها"، وأضافت أن الدول العربية الإسلامية "حاولت مرة أخرى تحويل النقاش من الحقوق المدنية والسياسية إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".