مكنت الحركة الجمعوية بعض الحرفيين من الظهور والاحتكاك بغيرهم وعرض إبداعاتهم، على غرار جمعية نادي الحرفيين من ولاية تيارت التي تمكنت في ظرف سنة من تأسيسها، إحتضان 250 حرفيا، منهم من شارك لأول مرة في المعرض الذي أقيم مؤخرا حول الجمعيات الحرفية، من بين الحرفيين الذين أتيحت لهم فرصة العرض والاحتكاك بالجمهور الحرفي؛ ساعد مبروك الذي رفض إعطاء حرفته اسما، بحكم أنها جاءت وليدة الطبيعة. ساعد مبروك 46 سنة من ولاية تيارت، لم يكن يعرف يوما أنه يملك موهبة في أنامله، وحدث يوما أن حمل قطعة خشبية بين يديه كانت ملقاة بالغابة، وبدأ يرسم عليها بعض الأشكال. ولأنه شخص موهوب، استعان ببعض الأدوات الحادة رغبة منه في إتمام الشكل الذي يريد إعداده، ليتمكن في آخر المطاف من صنع قطعة جميلة، غير أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد... فإعجابه بالتحفة الجمالية التي أعدها دفعه للتجربة مرة ثانية، فلاحظ أن بإمكانه أن يستغل قطع الخشب الملقاة هنا وهناك بالغابات، ليحولها إلى أشياء مفيدة، فقرر منذ تلك اللحظة أن يحترف هذه الحرفة. هكذا بدأت قصة عشق ساعد مبروك في النقش على الخشب، حيث قال: لأن الطبيعة ملهمتي، رفضت أن أسمي هذه الحرفة وتركت للجمهور حرية تسميتها، على النحو الذي يرغبون به من خلال نظرتهم إليها، ولكن ما أستطيع أن أقوله عنها؛ إنها موجهة بالدرجة الأولى للجانب الجمالي أي لتزين البيوت والفنادق والمكاتب وغيرها.. وحول نوع الخشب الذي يبدع من خلاله تحفه، جاء على لسان ساعد أن كل ما تقدمه الطبيعة من أخشاب يصلح لأن يتحول إلى تحف تزينية، فلا أنظر إلى القطعة الخشبية كما ينظر إليها غيري على أنها قطعة مهملة، بالعكس أنظر إليها على أنها تصلح لأن تتحول إلى عمل فني، يكفي فقط أن تُستغل كما يجب من خلال اختيار الشكل الذي يناسبها ويبرز قيمتها. وعن المصدر الذي يقتبس منه الأشكال التي يترجمها في صورة أعمال فنية على الخشب، قال محدثنا: ''أنا شخص عصامي لم أدخل معهدا، ولم أتعلم بمدرسة فنية، ولكني أملك مخيلة خصبة غنية، يكفي فقط أن أنظر إلى القطعة الخشبية لأضع لها تصورا يناسبها. غير أنني أعود في بعض الأحيان إلى الطبيعة الربانية لأستلهم بعض الأفكار في الحالات التي تعجز فيها مخيلتي عن إلهامي. الدقة المعتمدة في صناعة التحف جعلتنا نجزم أنها حرفة صعبة، وتتطلب الكثير من الصبر والإتقان، وهو ما أكده لنا الحرفي ساعد، حيث قال: '' تستغرق مني التحفة الواحدة من 20 يوما إلى شهر، هذا إن كانت كبيرة نوعا ما، أما إذا كانت صغيرة، فلا تتجاوز الأسبوع. ولأن العمل عليها يتطلب مني حسن اختيار الشكل الذي توحي لي به مخيلتي، ودقة العمل لإبراز قيمتها الجمالية، لا أقترب مطلقا من الحرفة إن كان مزاجي معكرا، أو كنت قلقا مهموما، لأن ذلك سينعكس على أعمالي بصورة سلبية، من أجل هذا، أختار الوقت المناسب للإبداع في مكان هادئ لأحظى بالتركيز المطلوب. كان أول معرض احتكت فيه أعمال ساعد الفنية بالجمهور، بالمعرض الذي أقيم مؤخرا برياض الفتح الخاص بجمعيات الحرفيين في طبعته الأولى، حيث اعتبر الفرصة مناسبة لتعريف الناس بهذه التحف الجميلة، حيث قال: ''حبي الكبير لهذه الحرفة جعلني أقوم بالعرض في منزلي، حيث أفتح الأبواب لكل راغب في الاطلاع على أعمالي الفنية من أجل الفرجة أو للبيع، ولا أخفي عليكم؛ لقيت أعمالي إعجاب كل من اطلع عليها، بما في ذلك رئيس جمعية نادي الحرفين الذي طلب مني الانضمام للجمعية من أجل صقل موهبتي وتعريف الجمهور بما أعده من تحف فنية.