كما كان متوقعا أجلت أمس، مرة أخرى جلسة البرلمان اللبناني التي كان من المقرر أن تحسم في عملية انتخاب الرئيس اللبناني الجديد خلفا للرئيس الحالي ايميل لحود· وتم تأجيل هذه الجلسة إلى غاية 21 من الشهر الجاري، ثلاثة أيام فقط قبل انقضاء عهدة الرئيس لحود· وذكرت مصادر البرلمان اللبناني أن رئيس الهيئة التشريعية نبيه بري قرر تأجيل الجلسة التي كان من المقرر أن تعقد يوم غد الاثنين للحسم في مسألة انتخاب الرئيس اللبناني الجديد· وبرر نبيه بري قراره بالسماح لإجراء مزيد من المشاورات بهدف التوصل الى اتفاق لانتخاب خليفة الرئيس لحود· ويعد هذا ثالث تأجيل لهذه الجلسة كان ينتظر أن تخصص لإنتخاب الرئيس اللبناني الجديد بعد قرب موعد انتهاء عهدة الرئيس الحالي في 24 من الشهر الجاري· ويؤكد هذا التأجيل عمق الأزمة السياسية في لبنان وتجذرها بين أحزاب المعارضة والأحزاب الموالية للحكومة الحالية التي يقودها فؤاد السنيورة· وفشل طرفا المعادلة السياسية اللبنانية طيلة أشهر من التوصل الى اتفاق بالتراضي لإنهاء الأزمة بينهما والاتفاق على شخصية وطنية تحوز على قبول كل الأحزاب· ودخلت الحياة السياسية في لبنان حالة احتقان حقيقي عرف ذروته بعد استقالة ستة وزراء من الحكومة وينتمي جميعهم الى حزب الله قبل عام وهو ما شكل قطرة الماء التي أفاضت كأس العلاقة المتوترة أصلا بين الأحزاب الموالية لسوريا وتلك التي أعلنت عداءها لها· وعرفت العلاقة قبضة حديدية محتدمة عمل طرفاها على تعفينها من أسبوع لآخر وكان الشارع اللبناني وساحة الشهداء في قلب العاصمة بيروت مسرحا لها عمل كل طرف على ابراز قوته وقدراته في التأثير على صيرورة الحياة السياسية اللبنانية· وكلما اشتدت هذه القبضة كلما فقد لبنان سلطته وأصبح أشبه بدولة دون سلطة فعلية سواء في جانب الرئاسة أو الحكومة، فلا الأولى التي تحظى بدعم المعارضة تمكنت من تحرير طروحاتها ولا الثانية استطاعت أن تنفذ قرراتها وأصبح لبنان أشبه بدولة موجودة على خارطة العالم وغائبة عنه سياسياً· وزادت درجة هذا الجمود بعد أن أخذت الأزمة السياسية اللبنانية بعداً دولياً بعد أن تحركت الولاياتالمتحدة وبريطانيا ثم فرنسا الى جانب الحكومة داعمة إياها على خلفية حسابات سياسية ذات صلة بضرب سوريا التي تحملها الدول الغربية مسؤولية ما يجري في لبنان، ويهدف تحييد الدور المتنامي لحزب الله الذي أصبحت طموحاته السياسية تخيف على أكثر من صعيد وخاصة بعد أن أصرت الولاياتالمتحدة على ربط هذا النمو بإيران عدوها التقليدي في كل منطقة الشرق الأوسط· وأمام هذا التأجيل الجديد فإن أحزاب المعارضة والحكومة يجدان نفسيهما أمام مأزق حقيقي حول الكيفية التي يتعين انتهاجها من أجل التوصل الى حل بالتراضي وإنهاء حالة عدم الثقة المستفحلة بينهما وتنتهي بانتخاب رئيس جديد للبلاد· يذكر أن الأزمة إزدادت حدة بينهما بعد أن تعارضت وجهة نظريهما حول الانتماء السياسي للرئيس اللبناني القادم، فبينما تصر الأحزاب الموالية للحكومة أن يكون من منتسبيها تصر أحزاب المعارضة في الجهة المقابلة على أن يحظى هذا الرئيس بإجماع مسبق من كل الأحزاب وفعاليات المجتمع اللبناني· والمفارقة في تداعيات الأزمة اللبنانية المستفحلة أن تأجيل جلسة البرلمان اللبناني أمس، جاء في نفس اليوم الذي مر فيه ألف يوم منذ إغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وكان ذلك بمثابة بداية لهذه الأزمة التي تؤكد كل مؤشرات الوضع السياسي في لبنان أن حلها ليس ليوم غد· *