أعطى كل من وزير الأشغال العمومية السيد عمار غول ووزير البيئة وتهيئة الإقليم السيد شريف رحماني، أمس، بالبليدة، إشارة الانطلاق الرسمي لأشغال إنجاز مشروع الطريق الجديد الرابط بين الشفة والبرواقية على مسافة 53 كلم، والذي يعتبر أصعب وأعقد مقاطع مشروع الطريق السريع شمال - جنوب الذي يمتد إلى غاية الحدود الجزائرية مع النيجر على طول 3000 كلم. ويأتي انطلاق هذا المقطع الجديد الذي يضم في تركيبته 76 منشأة فنية منها 35 جسرا كبيرا يصل طولها الإجمالي إلى 16 كلم و3 أنفاق مزدوجة تخترق السلسلة الجبلية المحيطة بوادي الشفة ويصل طولها الإجمالي إلى 6 كلم، تجسيدا للقرار المتخذ من قبل الحكومة خلال اجتماعها الأسبوع الماضي، حسبما أشار إليه وزير الأشغال العمومية بمناسبة اليوم الإعلامي الذي نظمته وزارته بمقر ولاية البليدة للتعريف بهذا المشروع الكبير وإعلان انطلاقه رسميا، والذي أشاد بهذا القرار الذي اتخذ طبقا لموافقة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة على المشروع. ولإبراز أهمية وخصوصية هذا الأخير، ذكر السيد غول بأن إنجاز طريق مواز للطريق الوطني رقم 1 على مستوى منعرجات الشفة، ظل إلى حد قريب يمثل حلما لم تتضح معالم تجسيده، وذلك بالنظر إلى صعوبة التضاريس والميزة الجيولوجية للمنطقة، إلى أن استوفت الدراسات التقنية الوطنية والأجنبية المستعان بها، كافة المميزات التقنية التي أكدت إمكانية إنجازه على رواق جديد ومستديم، وتم عرض هذه الدراسات التفصيلية على الحكومة التي وافقت على رفع التحدي، في ظل المكاسب التي حققها قطاع الأشغال بفضل الخبرة التي اكتسبتها إطاراته خلال السنوات الأخيرة. وقد تم تعيين مجمع مشكل من مؤسسة صينية وثلاث مؤسسات وطنية لإنجاز هذا المشروع الضخم الذي تصل تكلفته المالية إلى 85 مليار دينار، وحددت آجال انجازه ب36 شهرا. كما أوضح وزير الأشغال العمومية بأن هذا المقطع يندرج في إطار الشطر الأول الذي استكملت دراساته التقنية من مشروع الطريق السريع شمال- جنوب، والذي يمتد من الجزائر إلى غاية المنيعة على مسافة 1030 كلم، وكشف بأن الشطر الثاني الممتد من المنيعة إلى الحدود الجزائرية مع مالي ستنطبق أشغاله فور استكمال الدراسات الخاصة به والمقررة قبل نهاية العام الجاري، مشيرا في نفس السياق إلى أن هذا المشروع الذي يجري انجازه على مسار الطريق الوطني رقم 1 سيتدعم بمشروعين مماثلين يمتدان من الشمال إلى الجنوب على مستوى الطريق الوطني رقم 6 بغرب البلاد والطريق الوطني رقم 3 بالجهة الشرقية. ومن جانبه، أبرز السيد شريف رحماني وزير البيئة وتهيئة الإقليم مختلف الأبعاد التي يحملها هذا المشروع الكبير الذي يعد محورا أساسيا من محاور المخطط الوطني لتهيئة الإقليم ,2030 موضحا بأنه إلى جانب الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية التي يمثلها من خلال بعثه لحركة التنمية عبر الولايات التي يمر عبرها وتمكينه من خلق النشاط واستحداث مناصب شغل وفتح فضاءات سياحية جديدة، فإنه يتميز بكونه فضاء تكامليا وتضامنيا من خلال ربطه بين مختلف الأقاليم الوطنية، من الساحل إلى التل إلى الهضاب العليا وصولا إلى أعماق الصحراء، علاوة على كونه يشكل بوابة للدول المتوسطية للولوج إلى القارة الإفريقية، باعتباره جزءا من مشروع الطريق العابر للصحراء الذي يمتد إلى النيجر ومالي والتشاد ونيجيريا. كما أوضح الوزير أن المشروع يدخل في إطار السياسة الوطنية الرامية إلى تحقيق التوازن بين الأقاليم وبعث التنمية بالتساوي بين مختلف مناطق الوطن، علاوة على انخراطه بشكل كامل ومتكامل مع مشاريع الأقطاب الحضرية والمدن الجديدة، على غرار المدينتين الجديدتين لبوغزول بالمدية والمنيعة بغرداية. وبعد أن ذكر من جهته بمساعي عصرنة مقطع الشفة - البرواقية من الطريق الوطني رقم 1 خلال الثمانينيات ولا سيما في عهد وزير الأشغال العمومية الأسبق السيد محمد قرطبي، اعتبر السيد رحماني أن انطلاق هذه الورشة العملاقة جاء ليجسد تلك المساعي ويترجمها على أرض الواقع، ليخلص في الأخير إلى أن هذا المشروع الهام يعد ورقة رابحة بالنسبة لتهيئة الإقليم ولتكريس سلاسة اللامركزية في البلاد. وتجدر الإشارة إلى أن مقطع الطريق السريع شمال - جنوب الذي بعثت أشغال أصعب مقاطعه، أمس، يضمن الربط بالطريق السيار شرق - غرب على مستوى محول الشفة، كما سيربط مستقبلا بالطريق الاجتنابي الرابع للعاصمة الذي سيتم إنجازه انطلاقا من برج بوعريريج وصولا إلى منطقة خميس مليانة، حيث سيتقاطع الطريقان على مستوى منطقة البرواقية.