حطّ معرض ''النوبة'' بقصر الثقافة ''مالك حداد'' بقسنطينة قادما إليها من قصر الثقافة ''مفدي زكريا'' بالعاصمة وقبله من عاصمة الزيانيين التي توّجت عاصمة للثقافة الإسلامية عام ,2011 فكان جسرا ثقافيا وطريقا موازيا للطريق السريع شرق-غرب، ربط بين عاصمة الشرق الجزائري وجوهرة الغرب الجزائري. نقل المعرض الحضور من مثقفين وفنانين عبر بوابة الزمن في رحلة أخذت بعدين، بعد زماني وآخر مكاني مختلفين عن الذي نعيش فيه وحاكت عصرا غير الذي نحن فيه، فعاش زوّار ''النوبة'' حالة من الهيام اختلط فيها الطابع الغرناطي مع الصنعة والمالوف داخل قالب واحد هو الأندلسي، ورفرفت أرواح شيوخ هذا الفن المتأصّل الموروث من الأندلس بلد الحضارة والعصر الإسلامي الذهبي، عبر أجنحة المعرض بلونها الأزرق المميز وبساطها الأحمر وفق توزيع ضوئي أضفى لمسة جمالية رائعة أثارت إعجاب كلّ الحضور. وشمل المعرض صورا وسيرا ذاتية لشيوخ هذا الفن المتأصل، من الذين غادروا هذا العالم ومن الذين لا يزالون على قيد الحياة يحملون معهم ذاكرة مثقلة بالذكريات الجميلة في بحر الأندلسي عبر فروعه الثلاثة من الغرب والوسط والشرق، حيث تأخذك الصور الكبيرة المعلّقة في زوايا المعرض والتي تقابلها سيرة ذاتية لكلّ شيخ من الشيوخ وعمالقة هذا الفن بدءا من مدرسة الغرناطي مع العديد من الوجوه المعروفة على غرار عائلة بن ساري من تلمسان والشيخ الغافور من ندرومة إلى مدرسة الصنعة التي تعود جذورها إلى مدينة قرطبة مع عائلة الفخارجية، الباشطارزية وبن عاشور والبجاوي إلى مدرسة المالوف الممتدة من مدينة اشبيلية وعائلة الرقاني المدعو الفرقاني من حمو إلى محمد الطاهر وسليم وعائلة بن كرطوسة إلى الشيخ التومي والدرسوني. ويهدف معرض ''النوبة'' الذي زار تلمسان ومن بعدها الجزائر العاصمة ثم قسنطينة والذي تشرف عليه دائرة التراث والكوريغرافيا بمحافظة تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''، للحفاظ على هذا الموروث الثقافي الذي يعود إلى زمن زرياب ونقله إلى الأجيال اللاحقة حسب تأكيد السيدة بن شيخ زهية التي تشرف على هذا النشاط الثقافي الذي سيمتد طيلة شهر كامل. وسيكون هذا المعرض المعزّز ببث مقاطع موسيقية أندلسية عريقة وأشرطة فيديو، فرصة للجمهور القسنطيني العاشق لهذا الفن للتعرّف على أبرز المراحل في تاريخ الموسيقى الأندلسية مع التعريف بالآلات الموسيقية على غرار العود، الكمان والجوق والتي استعملت ولا تزال تستعمل إضافة إلى أهم آلات التسجيل التي نقلت هذا الموروث الثقافي والفني والوثائق التي يضمها الأرشيف الموسيقي الأندلسي الجزائري. للإشارة، قد تميزت هذه التظاهرة الثقافية بسهرة فنية أندلسية برمجت بالمسرح الجهوي أحيتها فرقة الفنان مراد العايب من ولاية قسنطينة، على أن تعرف التظاهرة العديد من النشاطات الفنية والمحاضرات الموازية.