يعد تبييض الأسنان من الأمور التي تهتم لها النساء بدرجة أولى، لعلاقتها بالصحة والجمال. وعرفت السنوات الأخيرة انتشارا لهذه الخدمة ببلادنا التي كان يختص بها في أول الأمر، جراحو الأسنان، لاسيما بعد أن تطور الطب في هذا المجال، وتطورت معه تقنيات التبييض والمواد المستخدمة، مما يسمح بإعطاء نتائج جد مرضية. ولكن هذه العملية ''الطبية-التجميلية'' انتقلت مؤخرا من يد جراحي الأسنان إلى المختصين في التجميل. وهكذا ظهرت للوجود وكالات تقترح على زبائنها خدمة تبييض الأسنان، بمقابل مادي معقول وفي وقت قياسي. هذه الوكالات هي في الحقيقة عبارة عن مراكز للتجميل بتخصصات مختلفة؛ منها العناية بالشعر، العناية بالبشرة واسمرار البشرة الاصطناعي...الخ، واليوم أضافت تبييض الأسنان، على اعتباره عاملا مكملا لجمال المرأة. يقول السيد الحاج بن يلول، وهو مسير إحدى مراكز التجميل؛ إن تبييض الأسنان يتم بمواد أخف من تلك المستخدمة لدى جراحي الأسنان، بعبارة أخرى، فإنه يشير إلى أن ماتقوم به مراكز التجميل هو ''عناية بالأسنان وليس جراحة للأسنان''، أي أن العملية تجميلية وليست طبية. لذا، فإنه يؤكد على أنها لايجب أن تتم إلا لدى شخص لايعاني من مشاكل صحية في فمه وأسنانه. يقول؛ ''إننا نقترح تبييض الأسنان على أناس يملكون أسنانا في حالة جيدة، لأنه في حال العكس، فإننا نوجههم إلى طبيب الأسنان أولا، ومن ثم يمكنهم القيام بعملية التبييض، لأنه إذا لم يتم احترام هذا الإجراء، فإن النتائج ستكون عكسية، ومن الأفضل عدم تبييضها''. ويقول محدثتنا؛ إن المواد المستعملة ألطف على الأسنان من تلك المستخدمة لدى طبيب الأسنان، لذا فهي خالية من المخاطر، كونها مواد عناية أكثر منها مواد طبية، وتدوم عملية التبييض حوالي نصف ساعة، وتتراوح الأسعار بين 5000 و9000 دج، ولاينصح بها للحامل أو الأم المرضعة. لكن السيد بن يلول يعترف أن العملية قد تجرى لزبائن مستعجلين حتى إذا كانت لديهم مشاكل في الأسنان، ويعطي مثلا ببعض المقبلات على الزواج، اللواتي يبدين إصرارا على التبييض لدواع جمالية، وفي هذه الحالة، فإنهن يتحملن النتائج التي وإن كانت في الأول تبدو جيدة، إلا أنه مع الوقت ستظهر العيوب، لاسيما الفرق بين لون الأسنان واللثة. تحدثنا مع نساء حول اهتمامهن بهذه التقنية الجديدة غير المكلفة، لاسيما إذا علمنا أن تبييض الأسنان عند الجراحين يتم في عدة جلسات، يتراوح سعر الواحدة 15 ألف دج، فلاحظنا أن هناك فعلا اهتماما باللجوء إلى هذه الخدمة، لكنهن لاينكرن بعض المخاوف من استخدام هذه التقنيات الجديدة، بالرغم من كل التطمينات المقدمة من هذه المراكز. ولاتأتي هذه المخاوف من فراغ، فإحدى جراحات الأسنان التي التقيناها بباب الزوار، حذرتنا من مغبة اللجوء إلى التبييض، معتبرة أن تقبّل اللون الطبيعي مع التنظيف والعناية الدائمة بالأسنان، هو أفضل نصيحة يمكن تقديمها. وذكرت حالات عديدة عرضت عليها بعيادتها الخاصة، لفتيات تعرضن إلى مشكل تفتت الأسنان بسبب عمليات التبييض التي تمت لدى جراحي أسنان، فمابالك بإجراء هذه العملية لدى مراكز تجميلية لاتهتم إلا بالنتائج الفورية وبالمقابل المادي؟ كما أكدت لنا نورية، موظفة في الثلاثينات من العمر؛ أن طبيب أسنانها حذرها من القيام بتبييض أسنانها عندما رآها مهتمة بتجميلها، مشيرا أن العملية تحمل أضرارا كثيرة على الأسنان. مع ذلك، فإن الكثير ممن تحدثنا إليهن، لاسيما المقبلات على الزواج، أبدين رغبة في التجربة، آملات في الحصول على أسنان بيضاء لامعة تشبه أسنان المشاهير، ومادفعهن إلى ذلك خصوصا، مايشاهدنه في القنوات العربية التي تعرض حصصا عن التجميل وطرقه. تقول نسرين-في العشرينات من العمر- إنها لاترى أي مانع في أن تجرب تبييض أسنانها، إذا تمكنت من جمع المبلغ المالي الكافي لذلك، لكن حلمها الكبير أن تفعل ذلك في دبي عند طبيب الأسنان الذي يظهر في إحدى البرامج التلفزيونية والبارع في هذا المجال. وفي جولة قمنا بها إلى بعض جراحي الأسنان في وسط العاصمة، للسؤال عن تبييض الأسنان بين منافعه ومضاره، خرجنا بنتيجة واحدة هي ''التحفظ الكبير من هذه العملية''، وتفضيل عملية إزالة الترسبات مع تطبيق مادة خاصة بإعطاء لمعان للأسنان، وبذلك يضرب المرء عصفورين بحجر واحد؛ ''فم جهة ينظف أسنانه من الترسبات التي تقف وراء عدة مشاكل بالفم؛ كالرائحة الكريهة، التسوس وحساسية اللثة، ومن جهة أخرى، يعطي إشراقة جديدة لأسنانه، ميزتها الأساسية أنها طبيعية وبالتالي خالية من أي ضرر''. يقول جراح أسنان يعمل على مستوى شارع حسيبة بن بوعلي، ويرفض تقديم خدمة تبييض الأسنان لزبائنه؛ ''أنا لا أحبذ القيام بهذه العملية، لأنني أعتبر أن مضارها أكثر من منافعها. فبالنسبة لي، ليس هناك أفضل من تنظيف الأسنان وإزالة الترسبات كل ستة أشهر، لأن ذلك كفيل بأن يظهر الأسنان في حلة أبهى. كما أنه يجب العلم أن التبييض ينجح في حالة الأسنان التي يكون لونها أبيض في الأصل، وتسببت بعض العوامل؛ كالتدخين، شرب القهوة، الشاي، تناول السكريات والأكل غير الصحي في تدهوره، أما في حال اللون الأصفر طبيعيا، فإن الأمر لن يتعدى مجرد تفتيح بدرجة خفيفة للأسنان سرعان مايزول''. وعن مراكز التجميل التي باتت تقدم خدمات التبييض، اندهش محدثنا عندما سألناه عنها، مشيرا أنه يجهل أن مثل هذه المراكز تقدم مثل هذه الخدمة. وأصر على القول بأنه في حال رغبة أي شخص في القيام بالتبييض، عليه أن يلجأ إلى جراح أسنان معروف بتخصصه في هذا المجال، وقام فعلا بعمليات تبييض أسنان. وذكر بأن المادة المستخدمة في التبييض، وهي ديوكسيد الأكسجين، قد تسبب بعض المشاكل للثة، ولهذا فإن جراح الأسنان هو المخول بالعناية اللازمة بها وليس مركز التجميل. بالمقابل، أكد لنا جراح أسنان آخر بشارع العربي بن مهيدي أنه يمكن إجراء عملية تبييض الأسنان بدون أي مخاطر، واقترح علينا إجراءها في جلسة واحدة ب15 ألف دج، مع ضمان نتائج إيجابية تدوم أشهرا. لكن حديثا جانبيا جمعنا بمساعدته، أوضح لنا أن الأمور ليست بمثل هذه البساطة. المساعدة لم تتردد في القول بأن ''تبييض الأسنان ليس منصوحا به، لاسيما بالنسبة للجزائريين الذين لايتبعون نظاما غذائيا صحيا''. كما أنها تساءلت؛ ''لما اللجوء إلى التبييض الذي لايدوم أكثر من ثلاثة أشهر، والاضطرار في كل مرة إلى إعادة الكرة حتى لايظهر الفرق في اللون -مثل صبغة الشعر- وبمقابل مادي كبير، في حين أن الأفضل هو إزالة الترسبات، فهو أقل ثمنا ولايتجاوز 3600 دج، ونتائجه أضمن لصحة وجمال الأسنان التي تحافظ على طبيعتها''. الأكيد -حسب كل الآراء- أن نظافة الأسنان والعناية المنتظمة بها، هي أفضل شيء تقوم به الفتيات اللواتي يردن الحصول على أسنان جميلة. كما أن الحفاظ على الأسنان بطبيعتها، شكلها ولونها الأصلي هو المحبذ، فالمواد المستخدمة بالتبييض هي في الأخير كيميائية، والأكيد أن لها تأثيرا على المدى الطويل.