دعا مشاركون في ملتقى ذاكرة الولاية الرابعة التاريخية، أول أمس، بعين الدفلى إلى تفعيل مذكرات مجاهدي هذه المنطقة واستثمارها في كتابة تاريخ الثورة التحريرية التي لا تزال تعاني من التقصير من قبل المؤرخين. وأوضح المجاهد السيد تيطواني الحاج في مداخلته في ملتقى «ذاكرة الولاية الرابعة التاريخية» الذي احتضنته ولاية عين الدفلى والذي تطرق إلى «إشكالية كتابة تاريخ الثورة» أنه من الضروري استثمار الشهادات الحية التي قدمها المجاهدون ومن عايشوا الثورة في الولاية الرابعة لكتابة تاريخ تلك المرحلة، علما أن أكثر من 1000 مجاهد توفوا منذ 1990 وهو التاريخ الذي شرعت فيه وزارة ومنظمة المجاهدين في جمع شهادات ومذكرات المجاهدين. وأعاب المتدخل على المؤرخين الجزائريين «تقصيرهم في حق الثورة» بدليل أن أكبر مؤرخي هذه الفترة هم فرنسيون وإن «كان بعضهم نزهاء» كما قال فإن أغلبهم «يساندون الأطروحة الفرنسية»، مشيرا بالمناسبة إلى أن عدد الكتب التاريخية التي تناولت بعمق تاريخ الثورة التحريرية لا يتعدى 120 وهو عدد «جد ضئيل ولا يرقى إلى مستوى وعظمة جيل نوفمبر». وبدوره أكد الباحث في تاريخ الثورة الجزائرية الأستاذ عامر عنان أن الاستفادة من التسليح الخارجي إبان ثورة التحرير «لم يكن متوازنا بين مختلف مناطق الوطن» بسبب الظروف التي كانت تحول دون إيصال السلاح إلى كل مناطق الوطن. وأوضح الأستاذ عامر عنان أنه «خلافا للمناطق الحدودية» فإن الولاية التاريخية الرابعة التي كانت تشمل كل مناطق وسط شمال الجزائر «اكتسبت سلاحها محليا» بفضل الهجومات التي كان يشنها المجاهدون على مراكز العدو الفرنسي خصوصا في السنوات الأولى من حرب التحرير. وذكر المشاركون في الملتقى أن الإعلام لعب دورا كبيرا في تعبئة الشعب الجزائري لصالح ثورته المسلحة. وفي هذا الصدد، أوضح البروفسور فكاير عبد القادر من جامعة خميس مليانة (عين الدفلى) أن الثورة كانت على وعي منذ الوهلة الأولى بالدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في حماية السكان ضد الحرب السيكولوجية التي قادها الاحتلال لإحباط معنويات المقاومين. وأضاف المحاضر أن هذا الوعي شمل أيضا دور الإعلام وقدرته على الرد على المقالات التي كانت تنشرها الصحف الفرنسية. وأوضح في هذا الإطار أن الصحافة شأنها في ذلك شأن السينما والشعر والمسرح ساهمت بقسط كبير في إثارة حماس الشعب وإبراز عدالة القضية الوطنية. وأكد المجاهد محمد متيجي أن عدد السجون التي تم بناؤها من طرف السلطات الاستعمارية الفرنسية ابان الحقبة الاستعمارية على تراب الولاية الرابعة التاريخية بلغ أكثر من21 سجنا والمئات من مراكز التعذيب، موضحا انه تم تحويل مزارع المعمرين إلى مراكز تمارس فيها أشد أنواع التعذيب والاستنطاق على الجزائريين. ولعل أهم السجون التي لاتزال زنزاناتها تشهد على فظاعة ووحشية الاستعمار الفرنسي سجن بربروس بالعاصمة وسجن البرواقية بولاية المدية وسجني الشلفوالمدية، حسب ذات المتحدث الذي أشار إلى أن ما يقارب 2000 جزائري حكم عليهم بالإعدام دون محاكمة في هذه السجون. ومن جهة أخرى، اعتبر الأستاذ الباحث السيد عبد القادر دوحة أن الاهتمام بالجانب السينمائي هو الحل الذي يملكه الجزائريون في الوقت الحالي لفضح جرائم فرنسا الاستعمارية وذلك في ظل رفض فرنسا الاعتراف بأفعالها البشعة. وأكد الأستاذ دوحة أنه في ظل انعدام الآليات القانونية في الوقت الحالي لمتابعة فرنسا في المحاكم الدولية فإنه على الجزائريين التفكير في طرق أخرى لإجبار فرنسا على الاعتراف بما اقترفته في حقهم طيلة 132 سنة من الاحتلال منها الجانب السينمائي وإنجاز أفلام ووثائق تؤرخ لبشاعة فرنسا وتفضح دوليا تاريخها الإجرامي.