وضعت قيادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، أمس، حدا لحالة الترقب التي طغت على الأجواء السياسية في بلد يعيش منذ منتصف هذا الشهر على صفيح ساخن على خلفية رغبة الجميع في معرفة اسم الشخصية التي ستقود مصر خلال الأربع سنوات القادمة. وقال حسن بغاتو الأمين العام للجنة العليا للانتخابات المصرية إن رئيس اللجنة فاروق سلطان سيعلن مساء اليوم عن اسم الفائز بمقعد رئاسة مصر بين مرشح حركة الإخوان المسلمين محمد مرسي أو المرشح الحر والمحسوب على النظام السابق أحمد شفيق. وبقدر ما وضعت السلطات المصرية حدا للجدل الدائر حول أسباب هذا التأخر غير المبرر؛ فإنها فتحت بدلا عن ذلك الباب أمام حالة ترقب ستجعل كل المصريين يحسبون الدقائق واحدة بواحدة ويحبسون أنفاسهم قبل الإعلان عن الفائز بكرسي قصر عابدين. والمؤكد أن عملية العد والترقب هذه ستكون الأطول في تاريخ مصر لأن المصريين بدأوا يتساءلون دون أن يجدوا إجابات شافية لتساؤلاتهم وماذا يخفيه ما بعد الإعلان الرسمي عن اسم المرشح الفائز؟ ويخفي هذا التساؤل الكثير من المخاوف من احتمالات انزلاق الوضع نحو الأسوء في حال لم يعترف أنصار أحد المرشحين بفوز المرشح الآخر، خاصة في ظل إصرار كل منهما على فوز مرشحه. ولم تكن الحرب النفسية التي غذتها تصريحات المرشحين اللذين أصرا على تأكيد فوزهما وفق عمليات عد وعمليات عد مضادة منذ اليوم الموالي لإجراء الانتخابات، سوى مؤشرا على درجة الاحتقان التي يعرفها الشارع المصري بين مؤيد لمحمد مرسي ومعارض له. وهو واقع لم يعد خافيا على أحد إذ يكفي إلقاء نظرة على ما يجري في ميدان التحرير في قلب القاهرة للقول إن غد مصر لم يعد مضمونا إذا أخذنا بالوعيد الذي يكيله المشاركون في “مليونيات” متلاحقة باتجاه المجلس الأعلى للقوات المسلحة منذرين إياه من كل مغامرة للتلاعب بإرادة الشعب المصري. ولما كان المرابطون في هذا الميدان الرمز في غالبيتهم العظمى من أنصار حركة الإخوان المسلمين أو لنقل من المعادين للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وقراراته الأخيرة من التيارات الأخرى ندرك أن هؤلاء يريدون أن ينطق فاروق سلطان باسم محمد مرسي رئيسا وليس أحمد شفيق الذي أصبح في نظرهم يرمز لعودة نظام منهار ضحى المصريون بحوالي ألف قتيل حتى لا يعود من الباب. وجعل مثل هذا الواقع قيادة الجيش التي عقدت اجتماعا طارئا لأعضائه تحذر من أي مساس بالأمن العام في إشارة إلى ما يمكن أن يقع بمجرد الإعلان عن اسم رئيس مصر القادم. وتكون هذه المخاوف هي التي جعلت السلطات الرسمية تتأخر في الإعلان عن النتائج النهائية وهي التي أكدت في اليوم الموالي للانتخابات أن الإعلان الرسمي عن اسم الفائز سيكون الأربعاء قبل أن تؤخره إلى يوم الخميس الماضي بدعوى كثرة الطعون المقدمة من قبل المرشحين، لكن المعارضة في ميدان التحرير رأت في ذلك “طبخة” يصر العسكر على تمريرها لإنجاح من يصفونه بمرشح المجلس العسكري ممثلا في شخص أحمد شفيق آخر وزير أول في آخر حكومة يشكلها الرئيس محمد حسني مبارك قبل الإطاحة بنظامه يوم 25 جانفي من العام الماضي.