[Sample Image]يشد المصريون أنفاسهم وسط أجواء من الترقب لمعرفة رئيسهم القادم بعد انتخابات رئاسية ولدت من رحم ثورة لم ينعم روادها بقطف ثمارها وفي سياق قرارات عكرت أجواء مناخ سياسي بدا أفقه غامضا ومستقبله مبهما. وهو ما زاد من درجة المخاوف لدى عامة المصريين من احتمالات انفجار الوضع في حال تمكن المرشح أحمد شفيق من اعتلاء كرسي الرئاسة من منطلق أن الثورة أجهضت في منتصف الطريق وأن التغيير الذي سعى شباب ميدان التحرير في قلب القاهرة قبل ستة عشر شهرا لتكريسه على نظام أحادي مطلق قد تبدد وأن حراكهم خدم آخرين ركبوا قطار الثورة وهي توشك على بلوغ محطتها النهائية. ويتوقع أن يتعرف المصريون اليوم على رئيسهم الجديد بمجرد انتهاء عملية فرز الأصوات التي صبت في صندوق المرشح الإسلامي محمد مرسي أو تلك التي صبت في صندوق منافسه أحمد شفيق آخر وجوه النظام المنهار. وحتى وإن كانت السلطات المصرية قد أكدت أن الإعلان الرسمي عن اسم الشخصية التي سيكون لها شرف قيادة مصر للسنوات الأربع القادمة لن يكون قبل نهار الخميس إلا أن ذلك لن يمنع من تسريب اسم الرئيس القادم بسبب سهولة فرز وعد الأصوات الممنوحة للمرشحين. ورغم أن الإقبال على مكاتب التصويت لم يكن بنفس نسبة التوافد التي عرفها الدور الأول بسبب نداءات المقاطعة وارتفاع درجات الحرارة وعزوف الناخبين بعد التطورات التي عرفتها مصر نهاية الأسبوع الماضي، إلا أن ذلك لم يمنع من تشكيل طوابير طويلة أمام مكاتب التصويت لمصريين أكدوا أنهم لا يريدون تضييع هذه الفرصة لقول كلمتهم في تحديد مصير بلادهم. وانقسم الناخبون بين مؤيد لأحمد شفيق رغم النعوت التي ألصقت به على أنه أحد فلول النظام السابق وآخرين لصالح محمد مرسي مرشح حركة الإخوان رغم ما قيل عنه أيضا. واشتد التنافس بين الرجلين بنفس الحدة التي عرفها الدور الأول وبعد أن تعالت أصوات مؤيدة لأحمد شفيق من فعاليات أكدت مخاوفها من صعود الإسلاميين إلى سدة الرئاسة المصرية بمبرر خوفهم على الحريات العامة في بلد ميزه التعايش الذي يعتقد أن الإسلاميين غير قادرين على ضمانه في حال تربعوا على كرسي الرئاسة المصرية. وهو ما زاد من حدة التنافس، خاصة وأن الفارق بين المرشحين خلال الدور الأول الذي جرى يومي 23 و24 ماي الماضي لم يكن شاسعا وبكيفية لا يمكن اعتمادها من أجل التكهن باسم الفائز قبل انتهاء العملية، حيث حصل محمد مرسي على 7,24 بالمائة بينما حصل منافسه على 6,23 المائة من الأصوات. وهي النسبة التي جعلت الترقب سيد الموقف وجعلت المصريين لا يعرفون اسم رئيسهم إلى غاية آخر لحظة من عملية الفرز وهم الذين كانوا يعرفون أن رئيسهم السابق حسني مبارك سيخلف نفسه في كل الانتخابات التي نظمها قبل انهيار نظامه العام الماضي في سياق ما عرف بثورة 25 جانفي .2011 ومهما كان اسم الفائز بهذا الاستحقاق فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة الفعلية الحاكمة في مصر وجد نفسه في مأزق دستوري حقيقي بعد أن اصطدم بماهية الجهة التي سيؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستورية أمامها. وهو المأزق الذي يبدو أن المجلس العسكري ومعه المحكمة الدستورية لم يضعا له حسابا بعد حل مجلس الشعب الذي طعن في شرعية انتخابه وهو الهيئة القانونية التي عادة ما يؤدي كل رئيس مصري اليمين أمام نوابها. وقالت مصادر حكومية مصرية أمس إن المجلس العسكري سيحدد لاحقا الهيئة التي سيتم أمامها أداء اليمين في محاولة لاستثناء المجلس العسكري تفاديا لأية تأويلات حول حقيقة دور الجيش في معادلة سياسية أرادها ثوار ميدان التحرير الذين أطاحوا بالنظام السابق أن تقطع الصلة مع أساليب الحكم السابقة والتي يبدو أن قيادة الجيش تريد إبقاءها قائمة لإحكام سيطرتها على وضع عام لم يكشف عن كل مجاهيله. وهو المأزق الذي أضيف إلى مأزق انتخاب رئيس للبلاد في ظل انعدام دستور يحدد القواعد العامة للممارسة السياسية وصلاحيات الرئيس الجديد وعلاقته بالهيئات الأخرى مما جعل قيادة المجلس العسكري تسارع إلى عقد جلسات ماراطونية مع خبراء في القانون الدستوري لملء هذا الفراغ الذي لم يسبق لمصر أن عاشته حتى في أصعب أيام أنظمتها السياسية.