إلتقى خمسة رؤوساء دول في غرب إفريقيا بالعاصمة البوركينابية واغادوغو بممثلين عن مختلف الأحزاب والمجتمع المدني في مالي في محاولة جديدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على مواجهة الأزمة في شمال البلاد الواقع تحت سيطرة تنظيمات إسلامية متطرفة. وإجتمع رئيس بوركينا فاسو بليز كمباوري وسيط المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا "الايكواس" وقادة دول ضم "القوى الحية" في هذا البلد في لقاء غابت عنه السلطات المالية المؤقتة دون أن توضح السلطات البوركينابية سبب غياب الوزير الأول الإنتقالي المالي عن هذا اللقاء.ولكن مصادر على علاقة بالمشاورات الجارية منذ مدة بين الفرقاء الماليين أكدت أن العلاقات أصبحت صعبة بين رئيس الوزراء المالي والمجموعة"الايكواس"بسبب رغبة هذه الأخيرة في تشكيل حكومة موسعة وأكثر تمثيلا. وتواجه الحكومة المؤقتة التي تشكلت بعد إنقلاب 22 مارس الماضي إنتقادات حادة من قبل الطبقة السياسية وفعاليات المجتمع المدني الذين وصفوها ب«الضعيفة جدا"في مواجهة وضع ما فتئ يزداد توتراً. وهو ما يطرح التساؤل عن جدوى عقد هذه القمة وأهم أطراف الأزمة في مالي من حكومة مؤقتة وممثلي حركة الازواد الترقية غائبة عن أشغال الإجتماع الذي تم خلاله بحث ثلاث نقاط هامة وهي تشكيل حكومة توافق وطني في مالي وتأمين المؤسسات وضمان أمن الرئيس المؤقت.وبدت مؤشرات فشل القمة واضحة خاصة وأن وفداً عن ممثلي شمال مالي الواقع تحت سيطرة الجماعات المسلحة منذ أكثر من ثلاثة أشهر غادر قاعة الإجتماع دقائق قبل إنطلاق أشغاله. ثم أن القمة لم تحظ بدعم أنصار إنقلاب ال22مارس الذين نظموا تجمعاً بالعاصمة باماكو ضد قمة واغادوغو. ويبدو أن مجموعة "الايكواس" التي عجزت إلى غاية الآن في إحتواء الأزمة في مالي وجدت نفسها مضطرة إلى اللجوء للقوى الحية في مالي بعد أن فشلت في لعب ورقة الحكومة المؤقتة ثم ورقة الحركة الوطنية لتحرير الازواد وجماعة أنصار الدين الموالية لتنظيم القاعدة. فهي من جهة لم تتمكن من التوصل إلى حل سياسي تقبله جميع الأطراف المتناحرة ويحافظ على الوحدة الترابية لمالي كما أنها لم تتمكن من التدخل عسكريا في مالي بسبب إفتقادها للغطاء القانوني في ظل رفض مجلس الأمن الدولي منح الضوء الأخضر لتنفيذ مثل هذا الخيار. وكان مجلس الأمن الدولي تبنى الخميس قراراً أكد من خلاله دعمه الكامل لجهود الايكواس ودعا إلى فرض عقوبات على المتمردين المتحالفين مع تنظيم القاعدة في شمال مالي لكنه لم يعط تفويضا لقوة إفريقية للتدخل في شمال هذا البلد. وهو ما جعل الأزمة في مالي رهينة حسابات وإمكانيات دول مجموعة غرب إفريقيا التي تضاربت مواقف أطرافها بين داعم للحل السياسي وبين مفضل للتدخل العسكري. وتسبب فشل الوساطة الإفريقية في إحداث فراغ في شمال مالي إستغلته الجماعات المسلحة وخاصة الإسلامية منها لفرض منطقها على الأرض بعدما تمكنت من زحزحة مكانة الحركة الوطنية لتحرير الازواد الترقية من جهة وفرض منطقها على سكان الشمال من جهة ثانية.