لقيت جهود الجزائر لتعميق الديمقراطية والإصلاحات السياسية استحسانا من طرف رؤساء الدول الأفارقة، خلال تقديم التقرير المرحلي حول برنامج العمل الوطني للحكامة أمام منتدى رؤساء دول وحكومات الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء، فيما أكد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي السيد جان بينغ في افتتاح القمة ال19 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي أن النجاح المثالي للانتخابات التشريعية يعزز المسار الديمقراطي في إفريقيا. وأوضح السيد بينغ في كلمته الافتتاحية للقمة التي انطلقت أشغالها أمس، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا ويشارك فيها الوزير الأول السيد أحمد أويحيى ممثلا لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أن النجاح المثالي للانتخابات التشريعية التي جرت في الجزائر يوم 10 ماي 2012 يعزز المسار الديمقراطي في القارة، مؤكدا بذلك المواقف المنوهة بالتقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال تعميق المسار الديمقراطي من خلال تطبيق برنامج الإصلاحات السياسية، والتي عبر عنها قادة الدول الأعضاء في الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء في اجتماع دورتهم ال17 أول أمس والتي استمعت إلى عرض السيد أحمد أويحيى المتضمن التقرير المرحلي الثاني لبرنامج العمل حول الحكامة. فحسب الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والافريقية السيد عبد القادر مساهل فإن التقدم الملحوظ في مجال تعميق الديمقراطية والاصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لقي استحسانا وجلب انتباه رؤساء دول القارة الذين طلبوا نشرا واسعا لتقرير الجزائر ونوهوا بالعناية الخاصة التي أولتها الجزائر لمكانة المرأة، مستحسنين أن تكون الجزائر من البلدان الإفريقية الأولى التي منحت أهمية أكبر لدورها. كما استحسن أعضاء الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء السياسات المتخذة لصالح الشبيبة والتقدم المسجل في مجال مكافحة البطالة عبر الأجهزة والآليات التي وضعتها الدولة في إطار تشغيل الشباب، مبرزين في الوقت نفسه أهمية السياسة الاجتماعية التي تتبعها الجزائر في مجال السكن، وحيوا الجهود الكبيرة التي تبذلها فيما يخص الإنجازات الكبرى في مجال البنى التحتية، مشيدين في نفس الصدد بالحوار بين الهيئة التنفيذية والأطراف المشاركة سواء تمثلت في المجتمع المدني أو التنظيمات الاقتصادية والاجتماعية. وشمل التقرير الذي قدمه السيد أحمد أويحيى أمام منتدى الآلية حصيلة الإنجازات التي تمت ما بين 2009 و2011 في مسار ترسيخ الحكامة، حيث أبرزت الوثيقة التطورات التي حدثت في مجال استكمال مسار المصالحة الوطنية والاصلاحات السياسية الجديدة. وتمت الإشارة في هذا الإطار إلى الجديد الذي جاءت به القوانين العضوية الستة التي صودق عليها خلال السداسي الثاني من سنة 2011 في عدة مجالات حيوية من أجل تعميق الديمقراطية، من خلال تعزيز التعددية الحزبية والحركة الجمعوية وحرية التعبير ونزاهة وشفافية الانتخابات وتوسيع مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة وأخلقة الحياة السياسية. وأشار التقرير في هذا الصدد إلى أن الانتخابات التشريعية التي نظمت في 10 ماي 2012 والمنبثقة عن هذا الاطار القانوني الجديد أفضت إلى انتخاب مجلس شعبي وطني يمثل تطورا نوعيا ملموسا، في تمثيل المجتمع الجزائري، مؤكدا بأن هذا التطور تميز بترقية معتبرة لمكانة المرأة بنسبة 31,6 بالمائة من المنتخبين، ما يعادل 145 امرأة منتخبة من شتى التيارات السياسية، يضاف إليها التشبيب الملحوظ لتشكيلته وارتفاع مستوى تكوين المنتخبين. وفيما يخص التجديد المدرج في إطار مواصلة مسار الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية يبرز التقرير على وجه الخصوص التسيير الاقتصادي الكلي الناجع وتحسين توقع وشفافية السياسات وترقية الميزانية من حيث النتائج، موضحا بأن هذه الإصلاحات سمحت بتحقيق نمو معتبر خارج المحروقات وتحكم في التضخم وتوثيق الوضعية المالية الخارجية للبلاد ومواصلة خفض نسبة البطالة. وتطرقت الوثيقة أيضا إلى استراتيجية التنويع الاقتصادي، من خلال السياسة الشاملة والسياسات القطاعية في مجال ترقية الاستثمارات وبعث الصناعة والتجديد الفلاحي والريفي وتثمين الموارد المائية وحماية البيئة وتنمية قطاع البناء والأشغال العمومية والخدمات. ويلح التقرير في الشق الخاص بتسيير المؤسسات على الإستراتيجية الوطنية في مجال تشجيع ودعم إنشاء وتطوير المؤسسة من خلال القروض دون فوائد والتسهيلات الجبائية والاستفادة من العقار الصناعي والتكفل بالإدماج المهني لطالبي الشغل وإنشاء صناديق ضمان وطنية وإقليمية. أما في الجانب الخاص بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية فيقدم التقرير حصيلة لكل القطاعات التي تساهم في التطور البشري ورفاه الشعب الجزائري خصيصا لفائدة الفئات المعوزة والمجموعات المستضعفة، مشيرا إلى أن عصرنة الدولة وتعزيز محاربة الفساد وترقية المرأة وتشغيل الشباب والتوازنات الجهوية وتهيئة الإقليم تشكل ركيزة دائمة للسياسات العمومية على الصعيد الوطني والمحلي وكذا العام والقطاعي. وعقب اطلاعهم على تقرير الجزائر قدم المتدخلون في أشغال المنتدى ملاحظاتهم وتعليقاتهم وأبدوا اهتماما كبيرا بالتجربة الجزائرية في العديد من المجالات التي تناولتها الوثيقة، كما أعربوا عن أملهم في أن تشكل الممارسات المثلى التي أشارت إليها مجموعة الشخصيات موضوع مبادلات واسعة مع البلدان الافريقية. وتعتبر الجزائر من ضمن البلدان الاولى التي باشرت التقييم المعمق لحكامتها في إطار المعايير والإجراءات التي تعتمد عليها الآلية الافريقية للتقييم من قبل النظراء، وقد سبق وأن قدمت تقريرها المرحلي الأول (2007-2008) في جانفي 2009 أمام منتدى رؤساء الدول الأعضاء في الآلية. على صعيد آخر، قامت القمة ال27 للجنة توجيه الشراكة الجديدة من اجل تنمية افريقيا (النيباد) في دورتها العادية أول أمس بتقييم نشاطاتها خلال السداسي الاول 2012. وحسب الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والافريقية السيد عبد القادر مساهل فقد تمحورت أشغال هذه الدورة حول نتائج المشاركة الافريقية في اللقاء مع مجموعة الثماني ومشاركة افريقيا في المفاوضات خلال اجتماع "ريو+20" حول التغيرات المناخية، مقدرا في هذا الصدد بأن نتائج هذه القمة التي عقدت بالبرازيل تظل متوسطة، "لأن افريقيا كانت تأمل في الأحسن" ما يستعيد حسبه ضرورة استعداد دول القارة بشكل أكبر للمواعيد القادمة. كما تطرقت قمة النيباد خلال دورتها ال27 أيضا إلى المسائل ذات الطابع العضوي، ولاسيما منها العلاقة بين وكالة "النيباد" والاتحاد الافريقي، وتمت في هذا الإطار الدعوة إلى تحقيق مزيد من الانسجام بين هاتين المؤسستين القاريتين.