جدد الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين دعوته للجهات الوصية لاتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد لظاهرة البيع الفوضوي لمختلف السلع تحت أشعة الشمس، من خلال بناء أسواق منظمة جديدة في العاصمة، تجنب المواطن نقاط البيع السوداء التي تشكل بؤرة للمخاطر الصحية، لاسيما في هذا الفصل الحار الذي يهدد بالتسممات الغذائية. ما تزال ظاهرة بيع مواد سريعة التلف تحت أشعة الشمس الحارقة سيناريو يتكرر كلما حل موسم الحرارة، الأمر الّذي يعد مؤشرا عن قلة الوعي لدى البعض واللامبالاة لدى البعض الآخر، رغم سلسلة الحملات التحسيسية التي تنظمها عدة جهات معنية لتوعية المستهلك، بما يكفل درء مختلف المخاطر الصحية الّتي تنجم عن استهلاك هذه النوعية من المواد غير المحفوظة وفق الشروط الأساسية. ورغم الانعدام الكلي لأشكال الوقاية وغياب شروط التخزين الجيد لتلك السلع سريعة التلف، إلاّ أنّ المشهد العام في الأسواق الفوضوية يوحي وكأنّ الأمر يتعلق بظاهرة طبيعية، لاسيما وأنّها في زحف مستمر، حيث لم يعد إطارها المكاني يقتصر على مجاورة المحلات في الأسواق المنظمة، على غرار ساحة الشهداء، إنّما امتدت حتى إلى بعض الأزقة، كما هو الحال في زقاق متفرع عن شارع حسيبة بن بوعلي (الجزائر الوسطى)، تبعا لما تكشفه المعاينة الميدانية. في جولة استطلاعية ل«المساء” إلى سوق ساحة الشهداء الموازي بالعاصمة، والّذي يقصده مئات المواطنين كل يوم، ووسط الزحمة الكبيرة، أوّل ما يلفت الانتباه هو طاولات بيع المواد الغذائية تحت أشعة الشمس التي تفوق هذه الأيام 35 درجة مئوية، حيث تباع الأجبان و«المايونيز”، الطماطم المصبرة، بعض المخللات وغيرها من المواد الغذائية التي لا ينبغي لها أن تكون خارج أجهزة التبريد. أحد الباعة المتنقلين قال ردا عن سؤال طرحته “المساء”، بأنّه لا يخشى من تعرض سلعته للتلف، مبرزا أنّه يحرص كل مساء على وضعها في المبرد ليعرضها صباحا للبيع تحت شمسية كبيرة. واستكمل البائع الذي يعتقد بأنّ هذه الطريقة تجنب تلف المواد الغذائية، بأنّ الإمكانيات المالية هي الّتي حالت دون تمكنه من شراء جهاز للتبريد، حيث أنّه بطال يسترزق من تجارة الطاولات. وعن هذه السموم الّتي يقتنيها المواطن العاصمي أمام أعين الجهات الوصية، في ظل تزايد الأسواق الفوضوية، كشفت تصريحات بعض المستهلكين أنّ انخفاض أسعارها مقارنة بتلك المشهرة في المحلات والأسواق المنظمة والمساحات التجارية الكبرى، يعد من الأسباب الرئيسية للإقبال على شراء المواد الغذائية المعروضة تحت شمسيات الباعة الفوضويين، مستندين في مواقفهم إلى عدم تعرضهم لمخاطر صحية، رغم تعودهم على اقتنائها من عند الباعة المتجولين. سيدة كانت تتبضع في سوق ساحة الشهداء، قالت؛ إنّها ترغب في ربح بعض الدنانير، وعما إذا كانت لا تخاف من أن تكون السلعة المقتناة تالفة، ردت أنّ هذا الأمر ليس مشكلة، لأنّه يمكنها أن تتفحص حال الغلاف أو علبة المنتوج الغذائي لتعرف مدى صلاحيته من عدمها! وعن مدى تأثير الأسعار في استقطاب مئات الزبائن لشراء مواد سريعة التلف معروضة تحت أشعة الشمس، أوضح الأمين الوطني العام للشؤون الاقتصادية بالاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين “سعيد قبلي” ل«المساء”، بأنّ انخفاض سعر المواد الغذائية المعروضة في الأسواق ليس بالضرورة السبب الرئيسي الكامن وراء إقبال المستهلك الجزائري عليها، لاسيما في هذا الموسم الحار، لأنّ فارق الأسعار ليس كبيرا في معظم الحالات. وأضاف الخبير الاقتصادي بأنّ الظاهرة تعكس ثقافة تكرست وسط المواطن الجزائري الّذي اعتاد منذ أكثر من عشرية على التسوق في الفضاءات التجارية غير الشرعية، لاسيما وأنّ بعضها يبعد عنه عناء التنقل إلى أماكن تواجد الأسواق المنظمة. وفي المقابل، تمثل قلة وعي بعض المستهلكين الجزائريين عاملا أساسيا في تحفيز استمرار هذه الظاهرة المنافية لقواعد الصحة، وهو ما دعا الاتحاد العام للتجار للمشاركة خلال هذه الصائفة في قافلة التحسيس حول خطر التسممات الغذائية. وفي سياق متصل، ذكر المتحدث بأنّ قلة عدد الأسواق المنظمة في العاصمة عموما، يؤدي إلى اكتظاظها ودفع المستهلك للتسوق في الأسواق الموازية لتفادي الزحام، لافتا إلى أنّ الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين تقدم عدة مرات للجهات الوصية بطلب بناء أسواق جديدة في العاصمة للوصول إلى غاية حماية المستهلك الجزائري، غير أنّ هذا الطلب لم يلق بعد آذانا صاغية في غياب التنسيق. وختم السيد سعيد قبلي حديثه بالتأكيد على ضرورة تطبيق القانون الذي يمنع من ممارسة النشاطات التجارية بصفة صارمة، حيث لا يمكن برأيه الوصول إلى مبتغى حماية صحة المستهلك بدون ذلك.