دعا الدكتور عبد المجيد بيرم، أستاذ الشريعة بجامعة الجزائر، معشر الصائمين إلى اتخاذ رمضان محطة للتغيير من خلال تدوين قائمة الممنوعات والعادات السيئة التي تكثر ممارستها في سائر الأيام الأخرى، على غرار التدخين والغضب، الإفراط في السرعة أثناء القيادة والكلام غير اللائق، والعزم بالتالي على التخلص منها، من خلال محاضرة ألقاها مؤخرا بالمركز الثقافي الإسلامي، بغرض إظهار المقصد الحقيقي من عبادة الصوم. وقال الدكتور عبد المجيد بيرم، الأمين العام لجمعية العلماء المسلمين، إنّ رمضان محطة للتغيير كفيلة بأنّ تكسر الروتين وبعض العادات الّتي يواظب عامة النّاس على ممارستها، نظرا لما يحمله من قيم ومعان تساعد الفرد على إحداث نقلة نوعية في حياته، ذلك أنّ تغيُّر حياة الصحابة بعد ظهور الإسلام، ليس سوى دليلا على أنّ رمضان وعاء لفريضة صوم فيها عناصر مؤثرة في حياة الإنسان، تقوم على أساس معنى العزيمة. وأوضح أستاذ الشريعة أنّ رمضان الّذي يترجم امتناعا يتحقق بنية العزم، له أبعاد على مستوى الفرد، الأسرة والمجتمع، لكنّها مرهونة بتقوية العزيمة للتصميم على هجر التّصرفات السلبية والتخلص من عيوب الشخصية، وللوصول إلى الغاية المنشودة من الصيام الجماعي، والمتمثلة في تعاون الأمة على ترك المنهيات وإتيان الفرائض. والواقع أنّ معاني شهر رمضان لم يعد لديها حضورا ملحوظا في وسطنا الاجتماعي، حيث لا يتجلى أثر الصوم في السلوكات والمعاملات المتداولة عموما، ولا تظهر أخلاق النّبي كما ينبغي، مما يفقد هذا الموسم الديني دوره في إحداث التغيير المطلوب، أكد الدكتور مشددا على أنّ الفرد الّذي لا يتخذ من رمضان محطة لتصحيح العلاقة بينه وبين الرّب، وكذا بينه وبين الأهل والمجتمع لا يمكن أن يغيره شهر رمضان الّذي يشترط محاربة الهوى، ومنه لا ريب في أن يصِح فيه قول الرسول “صلى الله عليه وسلم”: “رب صائم ليس له من صيامه إلاّ الجوع والعطش”. ويتجلى هذا الواقع من خلال عدة أعراض منها صفة سرعة الغضب التي يتسم بها الجزائريون، ممّا يحولهم في رمضان إلى “مفرقعات” قابلة للانفجار لأتفه الأسباب، وهذه مذمة لا تحمد عقباها، وتحتاج إلى عزيمة قوية وصادقة لمواجهتها، لاسيما وأنّ كظم الغيظ من أصعب الأمور على النفس البشرية، مثلما قال المصدر. وأضاف أنّ العبادات لا يمكن أن تنتج أجود الثمرات، أو أنْ تترك بصماتها على نفوسنا وأخلاقنا، إذا لم نحسن التعامل مع رمضان الّذي يجب أن نكون إيجابيين فيه، وهي الغاية التي لا تتجسد دون الحرص على الاستثمار في الإنسان. مشيرا في هذا الصدد إلى غياب ثقافة الاستثمار في الطلبة في المجتمع الجزائري، باعتبار أنّ عدة تخصصات جامعية يخلو برنامجها من وحدة التربية الإسلامية، رغم أهمية البعد الديني في دفع مخرجات ملتزمة بالأخلاقيات إلى سوق العمل، تسهم في الحيلولة دون انتشار الفساد في شتى مجالات الشغل. وأخيرا، نصح الدكتور عبد المجيد بيرم بجعل رمضان فرصة لعهد جديد، اعتمادا على الدعاء الّذي يعد مخ العبادة، كونه يدفع بالإنسان للإقرار بعجزه وحاجته إلى الله، ويؤدي به إلى إدراك حقيقة وجود منفذ يمكن أن يتجه إليه، وهو ما من شأنه أن يحدث تغييرا عميقا في النفس.