لا أظن أن هناك من كانوا يراهنون على تألق البطل الأولمبي الجديد وملك ال 1500، الجزائري توفيق مخلوفي، فهذا النجم الذي سطع نجمه فجأة وبعيداً عن كل الأضواء، أعطى الإنطباع من خلال قدرته على التكيف مع منافسة قوية حضرها كل أبطال أختصاصه، على أنه الوريث الشرعي للنجم العالمي والجزائري نورالدين مرسلي في هذا الإختصاص، وربما تكفي شهادة النجم العالمي المغربي سعيد عويطة الذي تنبأ له بالتألق قبيل إنطلاق تأهيليات الأولمبياد، لنتنبأ له بدورنا بمستقبل واعد لا في هذا الإختصاص فقط، ولكن في ال 800 م أيضاً. إن العداء توفيق مخلوفي الذي لايعرف عنه الجمهور الجزائري إلا القليل والقليل مع الأسف، بحكم تراجع نتائج رياضة ألعاب القوى الجزائرية، إستطاع وفي صمت وهدوء تام أن يتخطى حاجز هذا الصمت بل ويتحدى كل المعوقات في واحدة من أهم وأكبر المواعيد العالمية وهي الألعاب الاولمبية التي تبقى حلماً يراود كل طموح ليصبح نجماً عالمياً يشهد له الملايين من عشاق ألعاب القوى عبر العالم. لقد تخطى توفيق مخلوفي أول عائق هدد إستئناف مشاركته في الأولمبياد، بعد إنسحابه من تصفيات 800 م وما تبعه من إجراء فوري وسريع من قبل الاتحاد الدولي لألعاب القوى، الذي قرر في خطوة إستباقية منعه من إستئناف المنافسة الأولمبية، لتتراجع هذه الهيئة عن قرارها في ظرف قياسي أيضا، بعد إقتناعها بمبررات إنسحاب مخلوفي وبشهادة أطباء هذه الهيئة الذين أجمعوا على أن إصابة هذا العداء في تأهيليات ال 1500 م، قد أثرت عليه ولا تسمح له أيضا بالمشاركة في ظرف قياسي في أية مشاركة.. مثل هذا العائق البسيكولوجي لم يؤثر على الإطلاق على نفسية العداء مخلوفي الذي واجه الموقف بحزم وثبات وقيل أن مسؤولي الاتحاد الجزائري، نحجوا في وضع العداء خارج دائرة الضغط، من خلال إبعاده عن الأضواء وحديث الصحافة العالمية التي تناولت حالته بكثير من التعليق والتخمينات إلى درجة أن هناك من الصحافيين من رشحه للهزيمة في أية منافسة يخوضها بل وأن هناك من توقع له الموت في المهد... ويبدو أن تجاهل مخلوفي لهذا الظرف العصيب في مساره الأولمبي، أو في أول ظهور له على هذا المستوى العالمي، قد أعطاه شحنة إضافية لمسناها في تكتيكه وإصراره على إنتزاع الفوز في نهائي 1500م بألعاب لندن الأولمبية وحتى في تصريحاته الهادئة بعد التتويج والتألق، إذ أن تفاديه الحديث عن الضغط الذي تعرض له عشية نهائي إختصاصه، قد أعطى الإنطباع على إن مخلوفي ترك كل شيء وراءه، وكأنه أراد أن يقول لمنتقدي إنسحابه بأنه لم يفعل أي شيء يحول بينه وبين إستئناف الأولمبياد أو يدفعه للخوض في معارك هامشية قد توثر على جهده ونفسيته أو إستعداده البسيكولوجي، ومن هنا تأكد حسن إستعداده من أجل التتويج وتأكيد رغبته في إهداء الجزائر ميدالية من المعدن النفيس، ليعيد الأمل إلى نفوس الملايين من الجزائريين الذين أربكتهم الإخفاقات المتتالية لممثلينا في هذا الأولمبياد، حتى كادوا يجزمون بأن الجزائر ستخرج من أولبياد لندن خالية الوفاض....