أخيرا توصلت السلطات الانتقالية في مالي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة بعد عملية شد وجذب بين مختلف القوى الفاعلة في هذا البلد الذي يعاني من أزمة أمنية حادة في الشمال الواقع تحت سيطرة الجماعات المسلحة أفرزها انقلاب شهر مارس الماضي ضد نظام الرئيس أمادو توماني توري. ويقود الحكومة الجديدة رئيس الوزراء الحالي الشيخ موديبو ديارا، الذي كان الرئيس الانتقالي ديوكوندا طراوري قد جدد ثقته فيه رغم الانتقادات اللاذعة التي طالته والتي طالبت باستقالته بدعوى عدم أهليته لقيادة مرحلة بمثل حساسية المرحلة الانتقالية التي تمر بها مالي في الوقت الراهن. وتضم الحكومة الجديدة 31 وزيرا بدلا من 24 كما كان معمولا به في الحكومة السابقة من بينهم تيامان كوليبالي الذي يشارك حزبه في الجبهة من أجل الديمقراطية والجمهورية وزيرا للخارجية في الحكومة، كما عين برونو مايغا وزيرا للاتصالات وكان يشغل في الحكومة السابقة منصب وزير منتدب فيما خلف كوليبالي في الخارجية الوزير ساديو لمين سوي. وتم خلق وزارات جديدة متمثلة في وزارة الشؤون الدينية ووزارة الصناعة التقليدية والسياحة. وكان الرئيس ديوكوندا طراوري قد أمهل رئيس وزرائه الشيخ موديبو ديارا 72 ساعة لتشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة تحت ضغوط المجتمع الدولي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" التي سبق وحددت تاريخ 31 جويلية كآخر أجل لإعلان حكومة وحدة وطنية في باماكو. وأعلنت الإيكواس جاهزية قوتها للتدخل في شمال مالي لاستعادة الاستقرار والنظام كما كانت قد هددت شهر جويلية الماضي بتعليق عضوية مالي على مستوى هيآتها إذا لم يتم تشكيل هذه الحكومة في أقرب وقت. وصدر القرار الرئاسي بتشكيل حكومة جديدة بعد مشاورات أجراها الرئيس المالي المؤقت خلال الأيام الماضية مع "القوى الحية" في البلاد وفي مقدمتها الأحزاب السياسية والمجلس العسكري الذي أطاح بحكم الرئيس أمادو توماني توري في انقلاب 22 مارس ثم عاد وسلم السلطة بعد أسبوعين إلى نظام مدني انتقالي. وكان رؤساء دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا قد دعوا في 29 جوان الماضي الحكومة المالية الانتقالية إلى أن تكون "أكثر شمولية". وتواجه الحكومة الجديدة تحديات كبيرة منها تحرير مناطق الشمال من سيطرة الإسلاميين المسلحين وفتح الباب أمام إجراء انتخابات شاملة حرة ونزيهة وشفافة والحفاظ على وحدة البلاد. ويعيش شمال مالي حالة من الفوضى والانفلات الأمني في ظل تواصل أعمال العنف وتدهور الوضع الإنساني وتدمير أضرحة الأولياء بمدينة تومبوكتو التاريخية إضافة إلى زرع الألغام حول مدينة غاو مما يزيد الوضع تفاقما مع مرور كل يوم. وتزامنا مع هذه التطورات أعلن قائد الجيش الإيفواري الجنرال سومايلا باكايوكو أن بعثة "إيكواس" جاهزة لتنفيذ مهمتها والانتشار في مالي، مؤكدا مشاركة 13 دولة إفريقية عضو في التجمع الإقليمي في القوة العسكرية الإفريقية للتدخل في شمال مالي. وتأتي تصريحات قائد الجيش الإيفواري رغم إعلان الجيش المالي رفضه لنشر أي جنود أجانب من دول غرب إفريقيا في العاصمة باماكو مع إشارته إلى أن أي تدخل إقليمي يمكن أن يحدث فقط في شمال البلاد الذي تحتله الجماعات المسلحة.