يسير الوضع في مالي نحو المجهول بعد انتهاء يوم الثلاثاء المهلة التي حددتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (ايكواس) لتشكيل حكومة وحدة وطنية في مالي وذلك غذاة اعلان السلطات الانتقالية عن تشكيل "مجلس الاعلى للدولة" لادارة المرحلة الانتقالية و احتواء الوضع المنفلت شمال البلاد. و كانت "ايكواس" قد امهلت السلطات الانتقالية في مالي خلال قمة عقدت في 7 جويلية الجاري بواغادوغو (بوركينافاسو) إلى غاية 31 جويلية لتشكيل حكومة وحدة وطنية وفقا للقرارات التي اتخذتها مجموعة الاتصال حول مالي و الا فانها ستفرض عقوبات على مالي و لن تعترف بعد ذلك بحكومة مالي وستعلق عضوية البلاد في جميع المنظمات الاقليمية". الا ان عشية انتهاء هذه المهلة اعلن الرئيس المالي بالوكالة ديوكوندا تراوري عن تقليص صلاحيات رئيس الوزراء الشيخ موديبو ديارا عن ادارة المرحلة الانتقالية وانشاء هيئات جديدة لإدارة الازمة في الشمال. و في خطاب متلفز أعلن تراوري عن انشاء "مجلس اعلى للدولة" يترأسه هو بنفسه وتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد مشاورات سيجريها بنفسه موضحا ان مهمة "المجلس الاعلى للدولة "تقضي بانجاز البنية المؤسساتية للبلاد وتكييفها مع الحقائق الاجتماعية والسياسية". و يتقاسم مهمة هذا المجلس الرئيس بالوكالة مع نائبين له يكلف احدهما بقضايا الدفاع والامن وادارة الازمة في الشمال وعلى أن يمثل نائب الرئيس الآخر مكونات القوى الحية في البلاد. و يعلق الماليون امالا كبيرة على الحكومة وحدة وطنية التي تهدف إلى توحيد كل القوى الحية في البلاد لاستراجاع اراضي الشمال التي شددت عليها الجماعات المسلحة قبضتها منذ اكثر من ثلاثة اشهر. و لم تفلح السلطات الانتقالية التي تسلمت السلطة من الانقلابين في شهر أبريل الماضي في إطار اتفاق بينهم وبين "ايكواس" عقب الاطاحة بنظام الرئيس السابق امادو توماني توي في 22 مارس من طرد الجماعات التي هيمنت على اهم المدن الرئيسية في شمال مالي و هي"غاو" و"تومبوكتو" و "كيدال". و اقترح المجلس الوطني للمجتمع المدني في مالي امس تشكيل حكومة "محدودة العدد "تضم 16 عنصر مع انشاء خدمات ذات الصلة من أجل الخروج من الازمة المستعصية. لكن يبقى الغموض يكتنف المشهد في شمال مالي في ظل الفوضى التي تشهدها مدن الشمال الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة التي ابعدت المتمردين الطوارق منها في اعقاب معارك دامية خلفت عشرات القتلى و الجرحى. و تظل رغبة السلطات المالية في استعادة وحدة اراضيها ومدى قدرة الجيش المالي على القيام بتدخل عسكري واسع لتنفيذ ذلك تطرح عدة تساؤلات باعتبار ان الازمة دخلت شهرها الرابع دون ان يتحقق اي اختراق في الوضع بل تبقى مخاوف قائمة في ظل تدهور الوضع الانساني وما ترتب عنه من عواقب وخيمة. و في محاولة لاحتواء الوضع المتردي وتجنيب البلاد و دول المنطقة من الانزلاق في دوامة العنف تعتزم "إيكواس" تقديم مشروع قرار جديد إلى مجلس الأمن الدولي من أجل تدخل عسكري في مالي وهو موقف اعلن عنه رئيس كوت ديفوار حسن واتارا الذي يتولى حاليا الرئاسة الدولية للتجمع الاقليمي في مقابلة مع صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" الفرنسية . و قال الرئيس الايفواري ان "ايكواس" "بصدد تقديم مشروع جديد بشان مالي إلى مجلس الامن لإستصدار قرار يسمح بالتدخل العسكري الاقليمى لاسترجاع اراضي الشمال"مضيفا انه "ان يتغير الموقف إلى الأفضل فسيكون هناك تدخل عسكري في مالي و قد يحدث هذا خلال أسابيع لا اشهر". و أوضح الرئيس الايفواري إن لجنة رؤساء الأركان في دول "ايكواس" التي اجتمعت الأسبوع الجاري في ابيدجان اقترحت تشكيل قوة من نحو 3300 عنصر. وكانت المجموعة الأفريقية قد أبدت استعدادها لإرسال قوة إقليمية لمساعدة الجيش المالي في استعادة السيطرة على شمال البلاد الذي يسيطر عليه الحجمعات الاسلامية المسلحة الا انها ترغب في تفويض من الأممالمتحدة إضافة إلى معونة لوجستية خارجية. و تاتي هذه التطورات فيما اعلنت منظمة العفو الدولية فى تقرير نشر اليوم أن عسكريين أوقفوا فى مالي بعد مشاركتهم فى انقلاب 30 افريل كانوا ضحية إعدامات عشوائية أو تعذيب أو اختفاء قسرى وذلك بعد زيارة لهذا البلد دامت 10 ايام. وجاء فى التقرير أن هذه الإعدامات "ارتكبها جنود موالون للنظام العسكرى ضد عسكريين ورجال شرطة ضالعين" فى الانقلاب المضاد. وطلبت المنظمة غير الحكومية فى بيان من السلطات المالية وضع حد "لانتهاكات حقوق الإنسان" وفتح تحقيق حول "عشرات حالات الإخفاء القسرى والإعدامات بدون محاكمة والتعذيب" التى اطلعت عليها.