لم يبذل المخرج الجزائري المخضرم لمين مرباح أيّ جهد في الإجابة على أسئلة الطلبة الذين حضروا أمس الأوّل الطبعة الثالثة لنادي السينما واكتفى خلال النقاش الذي اعقب عرض فيلمه "المقتلعون" أو "بني هندل " بإجابات سطحية وعامة. لمين مرباح الذي بدا سعيدا رغم ذلك بلقاء جمهور الشباب، أكّد أنّ هذا رابع عرض يحضره مع الجمهور لفيلمه "المقتلعون" منذ عرضه أوّل مرة في 1977، مشيرا إلى أنّ الأكيد هو أنّ الفنان يزول والسياسي أيضا ويبقى العمل الفني إذا كان جيّدا، متمنيا في سياق متصل لو كان رجال السياسة والمسئولون من بين الحضور لمشاهدة الفيلم الذي اعتبره سلاحا قويا للتوعية والتثقيف. المخرج الذي أكّد أنّ عمله "بني هندل" يعدّ واحدا من الأفلام التاريخية التي رسمت معاناة الشعب الجزائري خلال الفترة الاستعمارية، تجنب الإجابة على الكثير من أسئلة الطلبة الحضور خاصة ما تعلّق بإشكالية البطولة الجماعية التي ميّزت سينما الثورة في الجزائر، مؤكّدا أنّ اعتماده هذا الأسلوب نابع من قناعة شخصية في حين أنّ الجميع يعلم أنّ هذه القضية كانت اختيارا سياسيا غير معلن باعتبار أنّ الثورة الجزائرية لم تكن ثورة أبطال وإنما ثورة شعب بأكمله، كما أنّ الخيار الاشتراكي الذي تبنّته الدولة الفتية آنذاك لعب دوره في اعتماد هذا الأسلوب باعتبار أنّ الدولة كانت المموّل الرئيسي لقطاع السينما في عهد صدور الفيلم. لمين مرباح كذلك استطاع تجنّب الخوض في أسباب تغييبه لصورة العنف الاستعماري المباشر تجاه الجزائريين، والتي كانت من بين أهم الانتقادات التي وجّهت للعمل عند عرضه في السبعينيات، حيث اكتفى المخرج من خلال العمل بإبراز حالة الفقر والحرمان التي نتجت عن سلب الجزائريين أرضهم، وأكثر من ذلك حصره الصراع بين الجزائريين فيما بينهم من خلال الشعب الفقير من جهة وشخصية القايد من جهة أخرى، مقابل إبعاد الفرنسيين عن هذا الصراع رغم أنّهم السبب الرئيسي في حدوثه. واكتفى مرباح بالقول أنّ الفرنسيين آنذاك لم يكن في صالحهم ضرب الجزائريين وتقتيلهم والزج بهم في السجون، في حين أنّ التاريخ حمل لنا صور إبادات جماعية للقرى والمداشر اقترفتها فرنسا في حق الجزائريين من أجل سلب أراضيهم، إلى جانب اعتمادها لأسلوب التحايل القانوني الذي أبرزه الفيلم. وفي سؤال عن سبب تراجع الأداء الفني للممثلين في الوقت الراهن رغم التميّز والإبداع الذي برز به الفنانون الأوائل على غرار السيدة كلثوم وحسن الحسني ..أكّد مرباح أنّ الفنانين في ذلك الوقت كانوا يهتمّون بسيناريو العمل والدور الذي سيقدّمونه قبل الخوض في المقابل، أمّا اليوم فأوّل سؤال يطرحه الممثل يتمحور حول الأجر حتى قبل معرفة مضمون العمل يقول مرباح-. وفي الأخير عبّر لمين مرباح عن سعادته برد فعل جمهور الشباب إزاء بعض اللقطات لاسيما عندما قالت أحدى الممثلات "نأكل النخالة أو ما نغسلش وسخ الرومية"، مشيرا إلى أنّ هذا دليل واضح على تمسّك الجزائري بشرفه وعزّته واستقلاله على مرّ الأجيال . يذكر أنّ فيلم "المقتلعون" أو "بني هندل" صوّر في 1976 عن عمل جامعي لجيلالي ساري الذي أشرف على إعداد السيناريو، ويتعرّض العمل للفترة التاريخية الممتدة من 1880 إلى 1900 ويتّخذ من الونشريس منطقة لتطوّر الأحداث ومن قبيلة "بني هندل" موضوعا لها، ليبرز عملية سلب أراضي الجزائريين من طرف الإدارة الاستعمارية لصالح المعمرين، واعتمادها على خطة من أجل نزع هذه الملكيات وتشريد أهلها وتعويضهم بمستوطنين فرنسيين، كما يتوقف بنا العمل عند الطرق والأساليب التي كانت تعتمد عليها السلطات الاستعمارية في الاستيلاء على هذه الأراضي لاسيما القوانين التعسفية التي اعتبرت أراضي الجزائريين كأراضي بايلك بما أنّ ليس لهم إثباتات ملكية، والأهم في الفيلم أنّه تجاوز القوانين ليصوّر حتى الحيل والألاعيب التي مارستها الإدارة الاستعمارية ومعاونيها من أجل ذلك .