أكد المدير العام لمديرية البحث العلمي والتطوير التكنولوجي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، البروفيسور حفيظ اوراغ، أن الدولة ومديرية البحث العلمي خصوصا تعتبر أن تطوير الإعلام الآلي "أولوية"، مشيرا إلى أن الجزائر تعرف تأخرا كبيرا في مجال "الحوسبة الفائقة"، التي تمثل دعامة لحل الكثير من المشاكل في عديد الميادين، وقال إن تعميم استخدام الحواسيب المحمولة في الجامعات ساهم في هذا التأخر. وذكر أن الجزائر كانت رائدة في هذا المجال في فترة السبعينيات، لكنها تراجعت اليوم وهو ما انعكس سلبا على بعض المؤسسات مثل البنوك والأرصاد الجوية "فصعب اليوم التنبؤ بأحوال الجو –بالنسبة للأرصاد الجوية- لأزيد من ثلاثة أيام بسبب غياب أجهزة الحوسبة الفائقة" -كما قال-. ولتدارك هذا التراجع، كشف عن تجهيز الحظيرة المعلوماتية لسيدي عبد الله بحاسوب عملاق سيكون بمثابة "قلب تطوير الإعلام الآلي في الجزائر وإفريقيا"، كما سيتم تزويد 19 جامعة بمراكز للحوسبة الفائقة تربط بين بعضها البعض ضمن شبكة أكاديمية، وبالنسبة للمتحدث فإن هذه الحواسيب ستسمح بإيجاد الحلول للكثير من المشاكل المعقدة، لاسيما عبر تقنية "المحاكاة"، لذلك تم إنشاء مركز محاكاة في سيدي بلعباس ضمن مشاريع الجزائر الرامية إلى تطوير الإعلام الآلي، هذا الأخير -حسب المصدر- هو الوحيد الذي يعرف إنتاجا علميا مكثفا ببلادنا، حيث ينشر باحث واحد حوالي ثلاثة إصدارات سنويا فيما ينشر 4 باحثين إصدارا واحدا فقط سنويا في المجالات البحثية الأخرى، وهو ما يدل على توفر كفاءات هامة بالجزائر يجب توظيفها. وخلال افتتاحه لأشغال المؤتمر الإفريقي الحادي عشر للبحث في الإعلام الآلي والرياضيات التطبيقية، أمس بالجزائر العاصمة، أكد السيد اوراغ أن هذا اللقاء يطرح تحديا هاما هو جمع الخبراء الأفارقة من أجل خلق حركية على مستوى الجنوب، دون إهمال الشراكة مع الشمال، مع العلم أن المؤتمر يشارك فيه خبراء أوروبيون. لكن التركيز على الحركية جنوب-جنوب نابعة من معطيات واقعية تشير إلى اشتراك هذه البلدان في انشغالاتها وبالتالي في طبيعة الحلول التي تبحث عنها، ولذا فإن إنشاء شبكات إفريقية مطلب ملح يسمح بالتطرق للمشاكل الحقيقية للقارة كالجفاف والمناخ والغذاء...الخ. وشدد مدير البحث العلمي على سعي الجزائر لتكون القاطرة في مجال البحث العلمي بإفريقيا، معتبرا أن ذلك يمر حتما برفع تحدي التطور التكنولوجي في ميدان الاتصالات وكذا علوم الفضاء، إذ أكد على أهمية استقلال إفريقيا من حيث التغطية الفضائية لأجوائها عبر إرسال أقمار صناعية. وقال إن هناك ثلاثة بلدان إفريقية وضعت سياسة لتطوير العلوم الفضائية هي الجزائر ونيجيريا وجنوب إفريقيا بإطلاقها أقمارا صناعية، فيما كان يفترض أن تلتحق كينيا بالركب، والهدف -مثلما أشار- هو التغطية الكاملة للقارة وكسر التبعية لأوروبا، «فحاليا اتصالاتنا متحكم فيها ومراقبة من طرف الآخرين" -كما قال-. سألنا مسؤول البث على هامش المؤتمر عن إمكانية تحقيق هذه الاستقلالية التي لاتعني فقط إلغاء التبعية لأوروبا تكنولوجيا ولكن كذلك اقتصاد ملايين الدولارات التي تستفيد منها المؤسسات الأوروبية، فرد بالقول إنه لامفر لإفريقيا من الذهاب نحو الاعتماد الكلي على الذات والتغطية الكاملة لأراضيها بوسائلها حتى وإن كانت بعض الأطراف الأوروبية لاتشجع على ذلك، وأضاف أن الهدف الذي تسعى إليه الدول الإفريقية هو تجسيد هذا المشروع في آفاق 2017، لكن هل سيتم ذلك فعليا؟ السؤال يبقى مطروحا حتى وإن كان العمل جار في ذلك الاتجاه باعتبار أن الجزائر مثلا سترسل قمرا صناعيا خاصا بالاتصالات بعد سنتين. يذكر أن المؤتمر الإفريقي للإعلام الآلي والرياضيات التطبيقية يعقد كل سنتين في بلد إفريقي ويضم جامعيين أفارقة ومراكز بحث فرنسية وهيئات دولية من أجل تحقيق تعاون دولي وكذا تبادل المعلومات والخبرات بين الخبراء الأفارقة ونظرائهم الأجانب، والهدف هو التطور التكنولوجي في عدة ميادين وكيفية مساهمة البحث العلمي في إيجاد حلول للمشاكل المطروحة، كما يهدف المؤتمر إلى توفير فضاء حيوي للتعاون يسمح بكسر تهميش وانعزال المجتمع العلمي الإفريقي.