تحتفل الإذاعة والتلفزيون اليوم بذكرى استرجاع السيادة التي تمت يوم 28 أكتوبر 1962 أي غداة الاستقلال الوطني مباشرة، حيث لم تلبث الدولة الجزائرية أن اتخذت التدابير اللازمة من أجل استرجاع مبنى الإذاعة والتلفزيون، لما يملكه هذا القطاع الحساس من أهمية في نقل السيادة الجديدة للدولة الجزائرية، وكذا في ترسيخ القيم الثقافية الخاصة بالشعب الجزائري. وبرهن كل الإطارات والتقنيون والعمال الجزائريون في ذلك اليوم عن قدرتهم على رفع التحدي والتغلب على الصعوبات، وكانوا يدا واحدة تحدوهم الروح الوطنية واستطاعوا القيام بالسير الحسن لأجهزة الإذاعة والتلفزيون وضمان استمرار الإرسال في وقت ظن فيه الفرنسيون أن ذهابهم سيكون بمثابة الكارثة وأن الارسال سيتعطل لمدة طويلة. وفي الفاتح أوت من عام 1963 أسست الإذاعة والتلفزيون الجزائري ومن أجل هذا ركزت الدولة على تجهيز هذا القطاع، من خلال مخططات ثلاثة وخصصت أكثر من 310 ملايين دينار لميزانية تجهيز الإذاعة والتلفزة الجزائرية، وفي عام 1982 ارتفعت إلى 560 مليون دينار. أما المؤسسة الوطنية للتلفزة فقد تكونت بناء على المرسوم الوزاري المؤرخ في 01 جويلية 1987وتم تقسيمها إلى أربع مؤسسات رئيسية هي: المؤسسة الوطنية للتلفزة، المؤسسة الوطنية للإذاعة، المؤسسة الوطنية للبث الإذاعي والتلفزي، المؤسسة الوطنية للإنتاج السمعي البصري. وعرفت المؤسسة الوطنية للتلفزة أول تحولاتها منذ سنة 1986 كما واكبت التحولات السياسية التي عرفتها البلاد، لكن أهم تحول كان في 1991، إذ تحول التلفزيون إلى مؤسسة وطنية عمومية ذات طابع تجاري. وأصبحت وظائف الخدمة العمومية للمؤسسة محددة في دفتر المهام الذي يوضح واجبات المؤسسة وأهمها المتعلقة بالتعبير عن كل التيارات الفكرية، ووجهات النظر في ظل احترام مبدأ العدالة في الطرح والشفافية والحرية، أما باقي الدفتر فهو يبين الهوية العامة للقناة المحددة بثلاثية الأخبار، التربية، التوجيه كما يحدد حصص بث البرامج الوطنية إضافة إلى بعض القوانين المتعلقة ببث الومضات الاشهارية. واليوم، تجد مؤسسة التلفزيون الجزائري التي تدعمت بقنوات عامة ومتخصصة آخرها قناتا الأمازيغية والقرآن الكريم، أمام تحدي المنافسة الذي يطرح بشدة في الآونة الأخيرة بعد أن عرفت الجزائر أولى خطوات الانفتاح في مجال السمعي البصري الذي تجلى في بروز عدد من القنوات الفضائية الجزائرية الخاصة، وذلك في انتظار صدور القانون الذي ينظم هذا المجال الإعلامي، وهو ماسيسمح بالتأكيد بظهور قنوات كثيرة، وهو ما يضع قدرات التلفزيون الجزائري العمومي على المحك، لأنه سيكون من اليوم فصاعدا أمام منافسة جزائرية وليس فقط عربية وأجنبية كما كان عليه الوضع سابقا، كما أن مفهوم الخدمة العمومية الذي يعد من أهم مميزاته باعتباره مؤسسة عمومية سيكون له الدور في تحديد مدى نجاح التلفزيون الجزائري في خوض غمار التنافس الإعلامي.