خطى لبنان نهاية الاسبوع خطوة خطيرة على طريق الحرب الأهلية التي بدات تفاعلاتها بمواجهات دامية بين مسلحي الإخوة الأعداء ضمن مشهد مخيف لم يكن جديدا على اللبنانيين الذين مازالوا يحتفظون بصور مرعبة عن قرابة عقدين من المواجهات الدامية. وكان مقتل 11 لبنانيا في اول يوم من المواجهات نذير شؤم يؤكد على أن الامور تتجه نحو تصعيد قادم وبما يؤكد وقوع كارثة حقيقية ويكفي النظر الى الاسلحة المستعملة وضراوة الاقتتال بين الاخوة الاعداء للحكم بان التشاؤم يبقى سيد الموقف ويخفي الكثير من علامات الاستفهام حول مستقبل هذا البلد. واندلعت المواجهات المسلحة بين أنصار المعارضة والموالاة منذ الخميس الأخير واستمرت إلى غاية صباح أمس في شوارع بيروت ومناطق متفرقة من لبنان أسفرت عن سقوط 11 قتيلا من بينهم امرأة وابنها وإصابة العشرات . وكانت مواجهات عنيفة اندلعت بين أنصار المعارضة والمولاة على خلفية القرارات التي أصدرتها الحكومة واستهدفت من خلالها حزب الله بعدما قررت فتح تحقيق في شبكة الاتصالات الهاتفية التي أقامها الحزب ضمن مخططاته لمقاومة العدو الصهيوني، إضافة إلى إقالة قائد الجهاز الأمني في مطار بيروت الدولي المقرب من حزب الله. وهي القرارات التي رفضها حزب الله واعتبرها بمثابة إعلان حرب عليه تزامن مع الدعوة إلى إضراب شامل انتهى بتحول شوارع بيروت إلى ساحة مواجهات دامية بين الإخوة الأعداء سرعان ما اتسعت رقعتها لتشمل مناطق أخرى من لبنان. وخفت حدة هذه الاشتباكات بعدما سيطر أنصار المعارضة على أجزاء واسعة من العاصمة بما فيها احياء تقطنها اغلبية سنية في الوقت الذي عزز فيه الجيش اللبناني انتشاره في العديد من المناطق الحساسة في مسعى لوقف انزلاق الوضع باتجاه الاسوإ. وقال مصدر أمني رفض الكشف عن هويته امس أن المواجهات توقفت لأنه لا احد يجرؤ على مواجهة مسلحي المعارضة في تأكيد على تمكن مقاتلي حزب الله من فرض سيطرتهم الأمنية. وتحدثت مصادر إعلامية عن سيطرة مسلحي المعارضة على أحياء عائشة بكار والظريف الملا وزقاق البلاط وكورنيش المزرعة في بيروت والتي تعتبر معقلا لأنصار تيار المستقبل الذي يتزعمه النائب سعد الحريري ونصبوا فوق الكثير من عماراتها رايات حزب اللّه وحركة أمل التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري. كما شوهد عشرات المسلحين من المعارضة على مقربة من تمثال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في المكان الذي اغتيل فيه شهر فيفري 2005 بحي عين المريسة. وقام تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه النائب وليد جنبلاط بتسليم مراكز حزبية تابعة لهما في أنحاء متفرقة في العاصمة إلى الجيش اللبناني في مسعى للتخفيف من حدة المواجهات وحماية العاملين بهذه المقرات. وتمكن الجيش اللبناني صباح امس من اعادة فتح طرق رئيسية بضواحي العاصمة بيروت كانت عناصر مؤيدة للحكومة قد قطعتها ومنها الطريق الدولية التي تربط شمال لبنان مع الحدود السورية والطريق التي تربط بيروت بجنوب لبنان والتي كان مؤيدون للأكثرية قد قطعوها الخميس الأخير في الوقت الذي لا يزال فيه أنصار المعارضة يقطعون الطريق المؤدية إلى المطار الدولي. وأمام استفحال تدهور الوضع الامني اضطرت السلطات اللبنانية الى إغلاق ميناء بيروت في الوقت الذي استمر فيه إغلاق تلفزيون المستقبل وإذاعة الشرق وجريدة المستقبل المملوكة للنائب سعد الحريري بعدما تحدثت الأنباء عن الحاق أضرار في مبنى جريدة المستقبل. وقامت القوى الأمنية اللبنانية بإجلاء موظفي المؤسسات الإعلامية التابعة لتيار المستقبل حرصا على سلامتهم.