يعد سجن “طبانة” المتواجد بمرتفعات جبال القوفي، الواقعة غرب سكيكدة بالمصيف القلي على ارتفاع حوالي 1500 متر، المطل على البحر والمتميز بمسالكه الوعرة تكسوها أشجار الفلين الكثيفة، بالإضافة إلى الأحراش، من بين أهم السجون التي تشهد على وحشية الاستعمار الفرنسي الذي تفنن في تعذيب مختلف شرائح المجتمع الجزائري من شيوخ ونساء وأطفال دون مبرر، على اعتبار أن الشخص الذي يلقى عليه القبض مشبوها لديه. وحسب بعض الشهادات التي جمعناها من هنا وهناك لدى العديد من القليين ممن عايشوا تلك الحقبة الاستعمارية، والتي من خلالها لقنوا العدو أروع صور البطولة والفداء، أكدت لنا بأن سجن “طبانة” المتواجد بأعالي القوفي يعد من بين أبشع مراكز التعذيب التي أنشأها الاستعمار بالمنطقة، بل تفوق وحشيتها المكتب الثاني الذي أنشأه الاستعمار بمدينة سكيكدة، والذي أشرف عليه شخصيا السفاح أوساريس منذ سنة 1955 حين عين على رأس جهاز المخابرات بسكيكدة، وتشير تلك الشهادات بأن العديد من القليين عذبوا بهذا المكان الموجود تحت الأرض، ويشبه إلى حد ما الكهوف، حيث بعد أن يتم اقتياد الموقوفين يحولون إلى داخل هذا السجن عبر سلاليم طويلة بعض الشيء، وهناك يشرع في تعذيبهم بكل الوسائل والطرق إلى حد الموت، ومن بين الأسماء التي تعرضت للتعذيب الوحشي بهذا المكان؛ الشهيد علي بلعابد الذي استشهد تحت التعذيب، بولقنافد محمود، ابن عباس، ساسان المدعو بوقرة، السيد مطاطلة ومخبي بلعيد الذي عذب مع مواطن من منطقة الطهرة، وبعدها تم اغتيالهما، وبوطغان مختار، بوعسلة نوارة، عجيرم مسعود المدعو يوسف وعجريم السعيد وغيرهم.. ويأمل مواطنو القل، لاسيما الأسرة الثورية من الجهات المعنية تحويل المكان إلى معلم تاريخي، حتى يكون شاهدا للأجيال على وحشية الاستعمار الذي حاول إطفاء لهيب الثورة، لكنه لم يفلح أمام بسالة مجاهدي جيش التحرير الوطني.