تعد معركة وادي زقار الكبرى التي وقعت يوم 11 ماي 1957 من بين أهم المعارك الكبرى التي وقعت بالولاية التاريخية الثانية والتي أعطت للعدو درسا في البطولة والفداء. وحسب شهادة بعض المجاهدين ممن عايشوا تلك الأحداث فإن قادة فيلق جيش التحرير الوطني التابع للولاية التاريخية الثانية وهم مسعود بو علي والبركة مختار ورابح بلوصيف وعيسى عبد الوهاب قد نصبوا خلال ذلك التاريخ كمينا بمنطقة وادي زقار الغابية ضد قافلة عسكرية للعدو الفرنسي كانت محملة بالأسلحة والذخيرة الحربية وقادمة من مدينة سكيكدة، إذ وقبل بدء الهجوم الذي شارك فيه زهاء 300 مجاهد كانوا مسلحين ببنادق صيد وأسلحة حربية مختلفة، قام قادة الفيلق بتوزيعهم إلى أفواج بكيفية مكنتهم من محاصرة المنطقة حصارا محكما. وبمجرد أن مرت القافلة شرع المجاهدون في الهجوم بإطلاق النار عليها وبعد حوالي 20 دقيقة من القتال انتهت المعركة لصالح جيش التحرير الوطني بعد ان تم قتل كل من كان داخل الشاحنات من جنود العدو فاق عددهم 100 عسكري فرنسي مع إلقاء القبض على واحد منهم، كما تمكنوا من الظفر بغنيمة كبيرة تمثلت في أكثر من 50 قطعة سلاح بالإضافة إلى لباس الجنود الفرنسيين وصناديق الذخيرة الحربية ونظارات ميدان. وكرد فعل على ذلك، قام المستعمر الفرنسي بارتكاب مجازر في حق العزل من سكان القرى والمداشر بعد أن أقام بالمنطقة محتشدات ومراكز للتعذيب. ويرى عدد من مجاهدي المنطقة التاريخية الثانية بأن معركة وادي زقار الكبرى حتى وإن تميزت بطابعها الفجائي، إلا أنها تعد امتدادا لمعركة أخرى تاريخية شهدتها نفس المنطقة والمتمثلة في معركة بورزام التي وقعت يوم12 ماي 1956 بالمكان المسمى بورزام /الحمري على بعد 04 كلم من بلدية سيدي مزغيش والتي قادها البطل الشهيد الرمز زيغود يوسف وشارك فيها أكثر من 100 مجاهد أغلبهم من إطارات الثورة كانوا يحضرون لمؤتمر الصومام كعلي منجلي، علي كافي، رزاقي عبد المجيد، عياشي إبراهيم، صالح بوبنيدر المدعو صوت العرب، عيسى عبد الوهاب، الطاهر جواد، علي بوستة المدعو بداي، العايب دراجي، عمار شطايبي، بكوش لخضر، رمضان هزيلة، مزدور رابح، مرصى صالح، هدام محمد المدعو بلهوان، صالح بوجمعة، بوهجة حسين، بوزيتون يوسف، دبوز أحسن، نطور عبد العزيز، رابح بلوصيف، محمد صالح ميهوبي، مسعود بوجريو، العيفة محجوب وغيرهم. وقد أسفرت تلك المعركة عن قتل أكثر من 50 جنديا فرنسيا من بينهم ضابط بالإضافة إلى الاستحواذ على الغنائم والمتمثلة في الذخيرة الحربية وبنادق حربية. وقد أكد لنا عدد من المجاهدين أن الاستعمار الفرنسي ارتكب في حق الجزائريين العزل إبادات جماعية لا يمكن وصفها إلا بجرائم حرب كالإبادة الجماعية التي وقعت في مشتى الكاف بمنطقة عين أحلوف ببلدية سيدي مزغيش في احد أيام رمضان من يوم 29 أبريل 1956 كرد فعل على الكمين الذي نصبه مجموعة من المجاهدين بقيادة صبوع محمد لقافلة العدو بالمكان المسمى بوحلبس على مستوى طريق أمجاز الدشيش باتجاه سيدي مزغيش، حيث أصيب على إثرها ضابط فرنسي وجندي فرنسي، ليقوم العدو بتعقب آثار المجاهدين عبر جبل بوحلبس حتى بلغوا مزرعة طيار قبالة مشتى عين أحلوف، حيث تمركزوا هناك وراحوا وبوحشية يطلقون النار لمدة حوالي نصف ساعة في كل الاتجاهات وفي اليوم الموالي وعلى مستوى مشتى شعاب بن حديد قام العدو بمهاجمة جميع البيوت وبعد أن قاموا بجمع الرجال أمطروهم بوابل من الرصاص ولم يتوقفوا عند هذا الحد بل قاموا أيضا بتوقيف 16 رجلا وأجلسوهم على ركبهم ثم أطلقوا عليهم النار، حيث بلغ عدد المواطنين الذين قتلهم العدو جماعيا على مستوى هذه المنطقة 39 شهيدا. سكان مشتة وادي محقن يتذكرون جرائم العدو بمنطقتهم ما تزال ذاكرة سكان مشتة وادي محقن التابعة لبلدية حمادي كرومة دائرة سكيكدة تتذكر وبكل ألم الإبادة الجماعية التي تعرضت لها المنطقة يوم 20 ماي 1956 على أيدي عساكر العدو الاستعماري، حيث راح ضحيتها العديد من سكان هذه المشتة خاصة في أوساط عائلتي''قانوش'' و''زايدي''. وحسب عدد ممن عايشوا تلك الأحداث الأليمة فإن وحشية المستعمر لم تستثنن أي أحد، بل امتدت حتى إلى الأطفال حيث أقدم عساكر العدو ودون رأفة على قتل 06 أطفال ببرودة، تتراوح أعمارهم بين السنتين والثلاث سنوات. وحسب الشهادات التي أدلى بها بعض السكان ممن عايشوا تلك الأحداث الأليمة فإنه بتاريخ 20 ماي 1956 وفي مشتة وادي محقن ''دومان بارو سابقا'' بالقرب من القاعدة البتروكيماوية لسكيكدة حاليا، اقتحم عساكر العدو المشتى في حدود الساعة السابعة إلى غاية التاسعة صباحا بحثا عن مجاهدين وبعد أن قاموا بإخراج السكان من منازلهم وببرودة دم قاموا بقتل 19 شخصا معظمهم من عائلتي زايدي وقانوش رميا بالرصاص، كما قاموا وبوحشية لا مثيل لها بذبح 20 شخصا آخر من بينهم أطفال وشيوخ وعجزة..بعض السكان الذين عادت بهم ذاكراتهم إلى تلك الفترة أكدوا لنا أنه بعد تعيين السفاح أوساريس وبعده الكولونال بيجار كمسؤولين عسكريين على مركز التعذيب جاندارك سابقا العربي بن مهيدي حاليا مارسا كل أنواع التعذيب ضد المدنيين العزل باستعمال الماء والكهرباء والضرب واجتثاث الأظافر..والقتل بالذبح والدفن أحياء. هجمات 20 أوت بمدينة القل العدو يتكبد خسائر مادية وبشرية كبيرة يعد المجاهد نطور سعد عبد العزيز من المجاهدين الأوائل الذين خططوا لهجمات 20 أوت 55 على مستوى منطقة القل غرب سكيكدة وحسب شهادة هذا الأخير فإن التحضير لتلك الهجمات التاريخية التي كانت في الواقع امتدادا طبيعيا للهجمات التي شهدتها مدينة سكيكدة وفق الخطة التي رسمها الشهيد البطل الرمز زيغود يوسف قد أشرف عليها عمار شطايبي وبكوش لخضر ونطور الساسي والمتحدث وكذا 15 مجاهدا، مضيفا بأن لا أحد من المجاهدين الذي كلفوا بالتحضير كانوا على علم بالعملية وعلى هذا الأساس تم تقسيم المجموعة إلى فوجين حددت لكل منهما مهمة التوجه إلى مشاتي المنطقة وعددها 07 للاتصال بالمسبلين والمناضلين من أجل الاستعداد للقيام بالعملية العسكرية ضد العدو. وبتاريخ 19 أوت 55 تم إعلامهم بضرورة الاستعداد يوم 20 أوت 55 للقيام بهجمات على كل مصالح العدو حينها، مضيفا بالقول: ''طلب منا التوجه إلى المكان المسمى راس لحرش وهناك شرعنا في تنظيم أنفسنا فكانت وجهتنا الأولى منطقة وادي لمساسخة وبها قضينا ليلتنا الأولى وكان عددنا حوالي 45 مجاهدا إضافة إلى 15 مسبلا قدموا من مدينة القل، وقبل الهجوم تم تشكيل 06 فرق أسندت لكل منها مهمة. فالفرقة الأولى كلفت بالهجوم على مدينة القل من الجهة الشرقية والفرقة الثانية كلفت أيضا بالهجوم على مدينة القل على أن يكون توغلها في وسط المدينة من جهة الطبانة، أما الفرقة الثالثة فقد تمثلت مهمتها في الهجوم على وسط مدينة القل على أن تدخل المدينة من الجهة الغربية للطبانة، أما الفرق المتبقية فالأولى منها كلفت بحرق الفلين التابع لشركة أحد المعمرين، بينما كلفت الفرقتين المتبقيتين بحرق وقلع كل الأشجار الواقعة على الطريق الرابط ما بين تمالوس والقل، مشيرا الى أن تاريخ الهجوم قد حدد على الساعة12زوالا ولكي يكون الهجوم ناجحا وفق الأهداف التي تم تسطيرها من قبل القيادة في مقدمتهم القائد الرمز الشهيد زيغود يوسف، فقد كلف عدد من المجاهدين بحراسة الطريق الذي يربط القل بمنطقة الشرايع الجبلية. وفي حدود منتصف نهار يوم 20 أوت 55انطلق الهجوم بإطلاق الرصاص من قبل المجاهدين والمسبلين الذين دخلوا وسط مدينة القل إلى غاية الحديقة العمومية وتم خلالها تنفيذ الخطة المتفق عليها باستهداف الثكنة العسكرية وكذا ثكنة الدرك ومقر الشرطة ودار الحاكم، كما تم حرق مخزن الفلين وقتل عدد من عساكر العدو لا يذكر عددهم وتم خلال العملية الاستيلاء على03 بنادق صيد ومسدسين. كما أسفرت العملية عن إصابة حوالي38 مجاهدا منهم 18 شهيدا و06 جرحى، في حين تمكن العدو من أسر 08 مسبلين..وأمام شراسة الهجوم والحصار الذي ضربه المجاهدون على وسط المدينة فإن العدو لم يتمكن من دخول القل إلا عن طريق البحر حيث أرسل تعزيزات كبيرة بغية الانتقام. وحسب ما جاء في شهادة المجاهد نطور سعد عبد العزيز فإن سر نجاح تلك الهجمات تعود بالأساس إلى سرية التحضير والصرامة في تنفيذ الأوامر إلى جانب روح الفداء الذي اتصف به المهاجمون الذين لقنوا العدو درسا لا ينسى. شهادات لمجاهدين عن التحضير للهجوم بالشمال القسنطيني أجمع كل الذين تحدثنا معهم من مجاهدي المنطقة الذين كان لهم شرف المشاركة في التحضيرات الرسمية لهجومات 20 أوت 55 بسكيكدة على الدقة وبعد النظر والدهاء الذي كان يتصف به مهندس الهجومات البطل الشهيد زيغود يوسف، حيث برهنوا للأعداء على أن هذه الهجومات لم تكن عملية ارتجالية بل كانت عملية مدروسة وذات أهداف دقيقة، فرضتها ظروف مرت بها الثورة الجزائرية بالخصوص بعد الحصار الذي ضربه الاستعمار الظالم على منطقة الأوراس. وما يؤكد حنكة القائد البطل الرمز الشهيد زيغود يوسف هو أن التحضير للاجتماع كان في غاية السرية ، حيث لم يعلم به حتى أقرب مقربيه ما عدا بعض القادة الذين يحسبون على الأصابع ممن كان يثق فيهم الشهيد. وحسب الروايات التي جمعناها ممن عايشوا تلك الأحداث من مجاهدي سكيكدة الأحياء منهم، فان البداية كانت بتوجيه الدعوة لعدد من المسؤولين بالشمال القسنطيني دون ذكر موضوع الاجتماع للالتقاء بالمكان المسمى بوساطور الواقع بمنطقة سيدي مزغيش لكن عدم ملاءمة المنطقة أرغم زيغود يوسف على تغيير المكان ليتم اختيار منطقة براكسبور (بوشطاطة حاليا)، غير أن الأمور لم تكن كما تم التخطيط لها إذ تمكنت القوات الاستعمارية من رصد تحرك عدد من المجاهدين مما أدى إلى وقوع اشتباك بين المجاهدين والعدو بالمكان المسمى الخربة قرب سيدي مزغيش سقط على إثرها شهيدان وهما محمود نفير والحاج القسنطيني المدعو الألماني. وأمام هذا الوضع المفاجئ قرر البطل الشهيد زيغود يوسف عقد الاجتماع السري بالمكان المسمى كدية داود بالزمان بمنطقة بوشطاطة لكونه موقعا استراتيجيا حصينا..وحسب نفس الشهادات فقد حضر الاجتماع الذي كان تحت حراسة جد مشددة وأشرف عليه شخصيا البطل الشهيد زيغود يوسف إضافة إلى كل من الأخضر بن طوبال المدعو سي عبد الله وعمار بن عودة وعلي كافي وإسماعيل زيغد ومسعود بوجريو المدعو سي مسعود القسنطيني وصالح بوبنيد ر (صوت العرب) وعمار شطايبي وبشير بوقادوم ومحمد دخيل المدعو الرواية.. وحسب الشهادة التي قدمها المجاهد علاوة علقمي منسق الهجوم على المطار فقد أكد بأنه عندما تم استدعاؤه لحضور اجتماع بالمكان المسمى كدية الزمان لم يتم التطرق أصلا إلى هجومات 20 أوت 55 بل كان التركيز منصبا على عملية تحضير بعض الأدوات كعلب من حديد فارغة وزجاجات فارغة وقطع من حديد صغيرة وأنواع من المطاط والعمل على تخزين كميات كبيرة من البنزين وإحضار وسائل التلحيم والمناشير دون توضيح الهدف من ذلك ونفس الشهادة أكدها المجاهد نطور سعد عبد العزيز منسق هجوم القل، إذ أكد أنه لم يتم التعرف على تاريخ 20 أوت 55 إلا يوم 19 أوت 55 مساء. وقد تم خلال هذا اللقاء دراسة الوضعية العامة التي تميز الشمال القسنطيني بوجه خاص والوضع على مستوى الجبهة والحصار المضروب على منطقة الأوراس وكيفية المساهمة في رفعه، ناهيك عن بعض المسائل الخاصة، إلا أن النقطة الأساسية التي ركز عليها الشهيد البطل هي القيام بعمل كبير يتمثل في إخراج الثورة إلى الشعب وبعد المناقشة وتبادل الآراء وضعت الأسس الأولى للتحضير لهجومات 20 أوت 55 في كافة ونواحي الشمال القسنطيني دون ذكر التاريخ مع التأكيد على الشروع في التعبئة وجمع الأسلحة والمتفجرات وانتظار التعليمات. ويؤكد كل من تحدث إلينا بأن الشهيد البطل زيغود يوسف وعدد من كبار قياديي الشمال القسنطيني كانوا على اتصال مباشر بينهم. ولابد أن نشير هنا حسب الشهادات التي جمعناها من هنا وهناك الى إنه من بين التوجيهات التي أعطيت من أجل التعبئة الجماهيرية هو حسن اختيار الأشخاص وهذا ما أكده فعلا المجاهد عياشي إبراهيم حيث صرح بأنه من بين التعليمات الصارمة التي أعطيت هو انتقاء الأشخاص من العائلات المعروفة والموثوق فيها مع التركيز على غير المتزوجين أو المتزوجون الذين ليس لديهم أطفالا أو المتزوجون الذين لهم أولاد وأولياؤهم أحياء والذين بإمكانهم التكفل بالأطفال في حال الاستشهاد.ط وإذا كانت التحضيرات لهجومات 20 أوت 55 التي كانت في قمة التخطيط تتميز بطابعها العسكري في مواجهة العدو المستعمر إلا أنها كانت تحمل بعدا إنسانيا مما يعكس صراحة نبل الكفاح الذي خاضه الجزائريون ضد الاستعمار الفرنسي، حيث من بين التعليمات التي أعطيت حسب شهادة المجاهد عياشي، عدم استهداف المدنيين من الأوروبيين العزل.