بدأت المعارضة السورية بوجهها الجديد المنبثق عن اجتماع الدوحة في تحركات مكثفة من أجل الحصول على اعتراف دولي يمكنها من الحصول على الأموال والأسلحة اللازمة لتحقيق مهمتها الأساسية للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد. وقطعت مختلف أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج بعد جلسات متواصلة في قصر المؤتمرات بالعاصمة القطرية أشواطا ماراطونية من أجل تحقيق خطوة عملاقة على طريق توحيد كلمتها بعد أن تمكنت مختلف أجنحتها من تجاوز خلافاتها حول مقاربات كل جناح بخصوص كيفية إنهاء أزمة بلدهم. وتكون المعارضة السورية بذلك قد لبت طلبا ملحا للقوى الكبرى التي طالبتها بضرورة توحيد صفها قبل الحديث عن اعتراف دولي بها. فبعد جلسات شد ومد وضغوط قطرية وأخرى أمريكية أرغم ممثلو مختلف القوى المعارضة للنظام السوري وخاصة المجلس الوطني السوري الذي قبل بالأمر الواقع والتحول إلى مجرد رقم في صفوف المعارضة السورية. ولم يتمكن ممثلو مختلف أجنحة المعارضة السورية من التوصل إلى هذا الاتفاق إلا بعد خمسة أيام من اجتماعات ماراطونية بما يؤكد هوة الخلافات التي طبعت مواقفها وخاصة ما تعلق بأهداف العمل المناوئ لنظام دمشق وطرق وآليات الإطاحة به وكذا مهام كل فصيل والمهام الموكلة لكل جناح. وهي الحقائق التي طغت على جلسات اجتماع الدوحة على اعتبار أن تشكيل هذه الهيئة الجديدة سيعرف انبثاق حكومة سورية انتقالية مهمتها التفاوض مع مختلف القوى المعنية بالأزمة السورية. وقد اقتنع المجلس الوطني السوري بعد عدة أشهر من المعارضة أن دوره بقي دون أي تأثير على صيرورة أحداث أزمة بلغت درجة المأزق رغم تغيير قياداته من برهان غليون وعبد الباسط سيدا وأخيرا جورج صبرة الذي لم ينعم بمنصبه سوى لساعات بعد أن قرر المجتمعون بالعاصمة القطرية انتخاب الشيخ احمد معز الخطيب ليكون الرئيس الجديد لمعارضة تبحث عن اعتراف دولي وإقليمي يمكنها من أن تكون متحدثا معترفا به من طرف العواصمالغربية المصرة على رحيل الرئيس الأسد ونظامه. وانتقل الرئيس الجديد أمس إلى القاهرة لعقد أول اجتماع مع وزراء الخارجية العرب حضره الموفد الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي والذي خصص لوضع استراتيجية التحرك المستقبلي للمعارضة السورية على المستويين الإقليمي والدولي. وهو ما أكده الوزير الأول القطري الشيخ حمد بن خليفة آل الثاني الذي رافق معز الخطيب أمس من الدوحة إلى القاهرة عندما أكد أن انتقال هذا الأخير إلى مقر الجامعة العربية يعد أول خطوة على طريق الاعتراف الدولي بالائتلاف الجديد. وقد تأكد ذلك أمس عندما رحبت الولاياتالمتحدةالأمريكية وقررت تقديم دعمها للهيئة الجديدة وفرنسا التي تعهدت هي الأخرى بالعمل من أجل توسيع قائمة الدول التي تعترف بالمعارضة السورية كممثل لتطلعات الشعب السوري وبريطانيا التي رأت فيها الهيئة القادرة على ضمان مرحلة انتقالية بعد رحيل النظام الحالي. ولكن لهذه الأخيرة أولويات أخرى وهي إلحاحها على مختلف الدول المؤيدة لها إلى تكثيف مساعداتها وخاصة العسكرية منها لتمكينها من تسريع عملية الإطاحة بنظام الرئيس السوري. وقال الشيخ أحمد معز الخطيب وهو رجل دين سوري معتدل في أول تصريح له أن "المعارضة بتشكيلها لائتلاف مناهض للنظام السوري قطعت خطوة إلى الأمام ويتعين الآن على المجموعة الدولية أن تفي بتعهداتها". وهو ما طمأن عليه رياض سيف نائبه في الهيئة الجديدة والذي راهنت عليه الإدارة الأمريكية من اجل توسيع جبهة المعارضة وعدم حصرها في المجلس الوطني المعارض السابق. وقال هذا النائب المنشق أن "المعارضة ستحصل على دعم مادي يمكنها من تحرير مناطق شمال البلاد خلال أسابيع" لتسريع عملية رحيل الأسد. ويكون مثل هذا الهدف هو الذي جعل روسيا تنظر بعين الريبة إلى المعارضة الجديدة ربما لقناعتها أن ذلك سيخلط عليها حساباتها وخاصة ما تعلق بطريقة تعاطي الدول الغربية معها وبما قد يعجل في أيام رحيل أهم حليف لها في المنطقة. وأكد اليكسندر لوكشيفيتش الناطق باسم الخارجية الروسية على ذلك عندما عبر عن أمله في أن تعمل المعارضة الجديدة على تغليب الحوار مع الحكومة السورية لتسوية النزاع بالطرق السلمية وعدم التمكين لأي تدخل أجنبي "في تلميح واضح إلى الولاياتالمتحدة وفرنسا وبعض الدول العربية التي تبحث عن غطاء قانوني لمد المعارضة بالأسلحة والأموال التي تمكنها من تحقيق هدفها النهائي.