يسدل الستار، منتصف ليلة اليوم، عن الحملة الانتخابية لمحليات 29 نوفمبر الجاري، بعد 22 يوما من سباق دعائي ظل محتشما منذ انطلاقته في الرابع نوفمبر الجاري، رغم بعض الانتعاش الذي حاولت التشكيلات السياسية إضفاءه على الحدث في الأيام الأخيرة من عمر هذه الحملة التي تعتبر مرحلة ممهدة لموعد الحسم الذي سيكون الفاصل بين المترشحين. فكما كان متوقعا عرفت الحملة الانتخابية للاقتراع المزدوج المؤهل للمجالس الشعبية الولائية والبلدية، بعض الانتعاش خلال الأسبوع الأخير بفعل تحرك الأحزاب والمترشحين نحو رفع وتيرة النشاطات الجوارية وتكثيف مظاهر حضورهم في الشوارع والأحياء والمدن سواء عبر توسيع عمليات نشر الملصقات والصور والشعارات أو من خلال تنظيم لقاءات جوارية ومهرجانات شعبية، حاولت من خلالها تسجيل قربها من المواطن واستقطاب اهتمامه. وتتباين الآراء في تقييم الحملة الانتخابية من قبل منشطيها، بين من يصفها بالمحتشمة والفاترة، مثلما هو حال التشكيلات السياسية حديثة الاعتماد التي فضل الكثير منها عدم تفويت فرصة اجتياز الامتحان الانتخابي، بالرغم من أنها لم تكمل عمليات تنظيم الصفوف وتجنيد المناضلين، الأمر الذي انعكس على مستوى تجمعاتها ولقاءاتها التي لم ترق إلى مستوى الحدث، ومن يصف حملته بالناجحة والمقبولة، وهو حال الأحزاب القديمة أو التقليدية التي اعتادت على مثل هذه المواعيد، واكتسبت بذلك خبرة في ملء القاعات واستقطاب المهتمين بخطاباتها ونشاطاتها. ولا ينبغي أن نتجاهل هنا بأنه حتى طبيعة هذه الانتخابات التي ترتبط بالمجالس الشعبية المحلية حيث تعني 1541 مجلسا شعبيا بلديا و48 مجلسا ولائيا، لها تأثير على الوتيرة الضعيفة لسير الحملة الانتخابية، حيث نلاحظ تراجعا في مستوى الحماس والحركية التي كانت قد عرفتها الحملة الانتخابية لتشريعيات 10 ماي الماضي، وذلك لكون الرهان السياسي بالنسبة للتشكيلات السياسية يكون أكبر في الانتخابات التشريعية مقارنة بالإنتخابات المحلية، سواء من حيث أهمية العمل السياسي أو من حيث الامتيازات كذلك. وفي حين لم تتوان بعض القيادات السياسية عن تحميل مسؤولية فتور الحملة الانتخابية لوسائل الإعلام التي لم تبد حسبها اهتماما كبيرا بهذا الحدث، إلا أن الواقع والاستطلاعات التي تم إجراؤها خلال هذه الفترة تبين أن استمرار حالة لامبالاة الكثير من المواطنين بهذا الموعد يرجع لعدة أسباب، أبرزها ضعف الخطاب السياسي الذي تعتمده الأحزاب السياسية والمترشحون لهذا الموعد، علاوة عن حالة “اليأس” المترتبة عن التجارب الخائبة التي أفرزتها المواعيد الانتخابية السابقة، حيث لم يجد الكثير من المواطنين تجسيدا في الميدان للوعود الكثيرة التي سمعوها من المترشحين. حتى أن إدراك قادة التشكيلات السياسية لهذه الحقيقية دفع الكثير منهم إلى التشديد في تعليماته للمترشحين بضرورة الابتعاد عن الوعود الكاذبة والخطابات المعسولة، والتركيز على القضايا التي تعني الحياة اليومية للمواطن والمشاريع القابلة للتنفيذ. وإذا كانت الأجواء العامة التي سادت الحملة الانتخابية التي استمرت من الرابع نوفمبر الجاري إلى غاية منتصف ليلة اليوم، طبقا لأحكام المادة 188 من القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، ظلت محتشمة، مقارنة بما كان ينتظر منها من استقطاب لاهتمام المواطن الجزائري وإقحامه بشكل أكبر في التجمعات الشعبية والجوارية التي نظمتها، فإن الخطاب الذي حملته مختلف التشكيلات السياسية المشاركة فيه والبالغ عددها 52 حزبا سياسيا ونحو 200 قائمة حرة، التقى عند التأكيد على أهمية هذا الموعد الانتخابي في سياق التحول السياسي الذي تعرفه الجزائر بفعل برنامج تعميق الإصلاحات السياسية الجاري تطبيقه، مع إبراز ما لهذه المحطة السياسية من فائدة في تحسين الإطار المعيشي للمواطن وذلك لارتباطه باختيار تركيبة الخلية القاعدية للدولة، ومجال تسيير الشؤون المحلية وتنظيم الحياة اليومية للمواطنين. ومن هذا المنطلق، فقد أجمعت الأحزاب في خطاباتها على دعوة المواطنين للتوجه بقوة إلى صناديق الاقتراع يوم 29 نوفمبر الجاري من أجل اختيار ممثليها في المجالس المحلية، والإسهام في تحقيق التغيير المنشود بطريقة سلمية وهادئة. من جهتها، لم تتوان وزارة الداخلية والجماعات المحلية في تأكيد نجاح كافة العمليات التي أشرفت عليها في إطار التحضير والتنظيم التقني لهذا الموعد الانتخابي، حيث جدد الوزير دحو ولد قابلية التأكيد على أن كافة الإجراءات تم اتخاذها لضمان نجاح هذا الحدث المتميز، متوقعا أن تصل نسبة المشاركة في هذا الاستحقاق إلى ما بين 40 و45 بالمائة. ومهما قيل عن أطوار الحملة الانتخابية وما ميزها من إيجابيات أو نقائص، فإنها تبقى تشكل إحدى المراحل الهامة في العملية الانتخابية التي تتواصل بدءا من نهار غد بمرحلة الصمت الانتخابي التي يلتزم خلالها المترشحون والأحزاب السياسية بموجب القانون العضوي المتعلق بالانتخابات بالامتناع عن القيام بأي نشاط له طابع دعائي، للتفرغ إلى تحضير أنفسهم ليوم الإقتراع الذي سيكون يوم الفصل، حيث يجني فيه المترشحون لهذا الموعد ثمار الجهد الذي بذلوه على مدار الأسابيع الثلاثة التي قضوها في التجوال بين مختلف ولايات الوطن. للتذكير، يشارك في هذا الإستحقاق 8383 قائمة تخص الأحزاب و197 قائمة حرة مرشحة للمجالس الشعبية البلدية، أما فيما يخص المجالس الشعبية الولائية فقد أودعت التشكيلات السياسية 607 قوائم بينما أودع الأحرار 9 قوائم.