قدم الأستاذ والملحن المغربي بلعيد عكاف أول أمس، محاضرة تناول فيها "قوالب الموسيقى العالمية" وأعقبها بعرض موسيقي منوع نشطته فرقته الموسيقية "عكاف إخوان"، حاول من خلالها عرض مختلف قوالب الموسيقى العالمية، ملحا على ضرورة استغلالها علميا للنهوض بموسيقانا الوطنية والمحلية. يشارك الأستاذ عكاف في المهرجان الثقافي الدولي الرابع للموسيقى السمفونية لثاني مرة وقد ثمن بالمناسبة فعالياته التي تتسم بالنشاط والاحترافية. يرى المحاضر أن الموسيقى الكلاسيكية تعبير عام غير مجدد، وهي تعني الموسيقى الغربية العلمية وتمتد جذورها إلى الحضارة اليونانية القديمة. اتخذت الموسيقى الكلاسيكية هذه التسمية منذ عصر الكلاسيكية في أوروبا وابتداء من 1820 سميت بالموسيقى الرومانسية بعدها توجهت هذه الموسيقى إلى الموسيقى الشعبية المحلية سواء في العزف أو الرقص، وبالتالي استهلمت منها الكثير وتوظف ألحانها، وكان من أشهر الملحنين الذين استلهموا من الموسيقى الشعبية (خاصة الدينية منها) باخ، لانتي، هاردي وغيرهم، بالمقابل تأثرت الموسيقى الشعبية فيما بعد بالموسيقى الكلاسيكية لتعود هذه الأخيرة إلى تسمية "الكلاسيكية" وتحملها إلى الآن. تعني القوالب الأطر التي تنظم هذه الموسيقى، سواء في التنظيم العلمي أو على مستوى اللحن، ولكل عصر قالبه الذي يخضع أحيانا إلى فن فترته وللمتغيرات الدينية والسياسية والاجتماعية. بدأ المحاضر بعدها في تعريف كل قالب موسيقي على حدة بدأها بالسمفونية التي هي القالب العام وتحوي عدة آلات موسيقية (نحاسيات خشبيات، ايقاع) وقد أخذت السمفونية عن الاغريق وظهرت للجمهور مع حلول القرن "16 وازدهرت خلال القرن ال 19 م وتتميز السمفونية باجتماع صوتين متناغمين. تؤدي السيمفونية فرق الاوركسترا والتي دخلت مرحلة الاحتراف منذ عام 1810 بقائد يؤطر أداءها قصد ضمان الانسجام وتوحيد الحس والعازفين أضيف لها فيما بعد الكورال. أما القصد السمفوني فهو تأليف موسيقى حر راج في المجر منذ قرون ويستوحى تأليفه من فكرة سمفونية أو شعرية وهو ذو حركة موسيقية واحدة، شاع هذا النوع في الدول الاسكندنافية نتيجة النزعة القومية الموسيقية، إلا أن هذا القالب عرف تراجعا بعد الحرب العالمية الأولى نتيجة الاهمال. الافتتاحية هي قالب موسيقى يتم تأليفه لآلات موسيقية مختلفة وهو يعزف في بداية العروض كعرض اوبرا مثلا. المقصود بالافتتاحية هو جلب انتباه الجمهور للعرض المقترح وقد راجت كتابتها وتأليفها في ايطاليا وفرنسا وهي غير مرتبطة عضويا بالموضوع الذي سيقدم في العرض (ليس شرطا)، علما أنه بعد تطويرها أصبحت جزءا من العرض الرئيسي، كما أنها تخلت عن قالبها الموسيقى المقعد. قالب الكونسيرتو ظهر في القرن 17 م وهو محبب لدى الجمهور العام يتميز بتنافس الفرد مع الجماعة أي العزف المنفرد مع الاوركسترا، والكونسيرتو قطعة موسيقية تكتب لآلة واحدة تتعامل في حوار موسيقي مع الأوركسترا، وهنا تظهر عبقرية التلحين وأصل هذا القالب ايطالي عزف في الموسيقى الكنسية الصارمة الحركات وفي موسيقى الحجرة المتميزة بحركاتها الحرة (نوتات). قالب آخر هو الكورستينو (تصغير للقالب السابق) إيطالي المنشأ يتيمز بالخفة والقصر والبساطة والحوار التناوبي بين الآلات الموسيقية... قالب سوناتا هو عمل كبير وضخم مكتوب خصيصا لآلة موسيقية واحدة (كمان أوبيانو مثلا)، وهي موسيقى ذات رنة خاصة تخصص في تأليفها كبار الملحنين وبدورها تنقسم إلى قسمين سوناتا الكنيسية ب 4 حركات وسوناتا الحجرة ذات الاستهلال الموسيقي والحركات الراقصة.الموسيقى والحركات الراقصة.قالب سوناتينا (تصغير للقالب السابق) وهو تأليف قصير وسهل. أما فيما يتعلق بالقوالب الغنائية فتتصدرها الأوبرا التي ترتبط بالمسرح وبالعرض والتي احتكت بالجمهور ووصلت اوجها في القرن 19 والاوبرا، تعني الفن الغنائي وهي عمل ضخم بحضور مغنين وممثلين وراقصين مع حضور الاوركسترا... تقدم بافتتاحية معزوفة تتميز بالتنوع وبالألحان القصيرة والراقصة والمغناة. وأعطى المحاضر نبذة عن روائع الاوبرا الكلاسيكية في ايطاليا، ألمانيا وروسيا. لم تنل الاوبيرا نجاحا وانتشارا في القرن ال 20 خاصة بعدما استغلتها العروض والتسجيلات التلفزيونية (أكثر بالولايات المتحدة) وعرفت اقبالا منقطع النظير من الجمهور، لكنها تراجعت نوعا ما مع نهاية القرن لاسباب اقتصادية في المقام الأول مما أجبر المختصين على النهوض بها. نوع الاوبيرات يتميز بارتباطه بالمسرح وبالرقص والغناء وبطابعه الموسيقي المرح وبمقاطعه الخفيفة وأحيانا الهزلية. قوالب موسيقية أخرى تم عرضها، منها الكوميديا الموسيقية ذات الموسيقى المرحة والخفيفة والنهايات السعيدة تميزت بالفرجة والرواج. هناك الاوراتوريو وهو موشح ديني مسيحي بمجموعة صوتية أو بحكواتي يحكي قصة المسيح أو قديس ما أو امجاد اسطورية وفيه تسقط قوالب المسرح والديكور. قالت الكانتات ظهر في 1620 بمقاطع موسيقية ذات موضوعات مختلفة، هناك أيضا موسيقى الحجرة التي تعزف بالآلات الوترية للنبلاء والنخبة. في نهاية تدخله تمنى المحاضر أن يثمن مغربنا العربي كفاءاته العلمية الموسيقية قصد النهوض بتراثنا الموسيقي الغني. في الأخير، قدم المحاضر نماذج موسيقية من خلال مرافقة فرقته "الإخوان" والتي تضم العازفين علي وبدر وعزيز عكاف وحسن بييي. ومن بين الآلات المستخدمة (الايقاع بأنواعه، الڤمبري، البيانو، كويترة، قيتارة وغيرها). هدف العرض هو تفعيل الآلات الموسيقية المحلية ذات النفحة الروحية الانسانية واقحامها في قطع موسيقية عالمية أو غربية وهذا لتمكينها من أداء كل الأصوات، لذلك تم تقديم "الكرفان" في نوع الجاز والذي تشبه آلاته آلات موسيقية أمازيغية مثل تلك المنتشرة في أولاد سيد أحمد موسى بمراكش، إضافة الى قطعة "سوزانا" التي وظفت فيها آلة "اللوتار" و«الرباب" وكان المزيج روعة في الأداء اعجب الحضور خاصة الطلبة.